التهمة.. الاصطدام بالملكية

الدار البيضاء اليوم  -

التهمة الاصطدام بالملكية

بقلم - توفيق بو عشرين

بطريقته الخاصة، رد عبد الإله بنكيران على مقال محمد يتيم، الذي اتهم «الفضلاء اليساريين» بدفع العدالة والتنمية إلى الاصطدام بالملكية، حيث استقبل في بيته كلا من لطيفة البوحسيني وعبد الصمد بلكبير وحسن طارق وعادل بنحمزة وقيادات شبيبة حزبه… الرسالة حملتها صورة الجميع في صالون بيت السيدة نبيلة، والتعليق مفتوح للجميع.

ماذا قال يتيم، الذي كان إلى وقت قصير يعتبر منظر الحزب وكاتب بلاغاته وأوراق أدبياته، حتى وجد نفسه في زوبعة من النقد والاحتجاج، وحتى التعريض بشخصه، مما لا يجوز في عرف الاختلاف المتحضر؟ كتب القيادي في الحزب: «إذا كانت المناضلة الغيورة السيدة البوحسيني أو السيد حسن طارق أو السيد عبد الصمد بلكبير لهم رأي آخر، أو كانوا -لا سمح الله- يبحثون في العدالة والتنمية عن ذلك الحزب الذي افتقدوه في اليسار، وفي أمينه العام عن المهدي بنبركة أو أبراهام السرفاتي، فليس حزب العدالة والتنمية، الذي، خشية أن ينعت بـ‘‘المخزنية’’، سيرضى لنفسه أن يضطلع بدور كاسحة ألغام، ولا بالذي سيتطوع للعودة بالبلاد إلى تاريخ تنازع وصدام مع الملكية، أكل فيه أوفقير الثوم بفم حركة بلانكية، وأنتج سنوات رصاص كان يضرب في الاتجاهين».

الثلاثة الذين اتهمهم يتيم باستعمال العدالة والتنمية ككاسحة ألغام، ودفع المصباح إلى الاصطدام بالملكية، كلهم يعرفون أنفسهم كيساريين ديمقراطيين يؤمنون بالنظام الملكي، ويدافعون عن زواج مثالي بينه وبين النظام الديمقراطي، وبالتالي، فإنهم ليسوا بلانكيين، ولا من المراهنين على مشاريع أوفقير القديم أو الجديد، وكلهم رفضوا شيطنة الإسلاميين عندما كانوا منبوذين في هامش الحقل السياسي، كما كانوا من المدافعين عن وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكومة عبر صناديق الاقتراع، بل إن بعضهم عانى بسبب تهمة «مجاملة الإسلاميين» أعداء المشروع الحداثي الديمقراطي.

وزير الشغل يعرف هذا ويعرف أكثر منه، لكنه يخلط الأوراق لأن هدفه ليس كتابة بروفيلات سياسية لهؤلاء، ولا مناقشتهم في ما ذهبوا إليه من خطأ المشاركة في حكومة العثماني التي جاءت للتغطية على عملية إعادة انتشار السلطوية في نظامنا السياسي. يتيم لا يريد أن يناقش فكرة بفكرة، ورأيا برأي، وتقدير موقف بتقدير موقف، بل يريد أن «يحصن عقول الشباب» من تأثير أفكار يساريين يراهم فاشلين يبحثون عن بنبركة في بنكيران، ويريدون إسقاط أحلامهم المجهضة على حزب العدالة والتنمية، ويسعون إلى أكل الثوم بفم المصباح… هكذا، بعملية حفر لولبي في النوايا، التي لا يعلم بها إلا الله، وبتقنيات التحقيق في درب مولاي الشريف زمن سنوات الرصاص، يختصر أستاذ الفلسفة المسافة السياسية والفكرية والإيديولوجية التي تفصل رأيا عن رأي، ونهجا عن نهج، ويصبح كل واحد يسائل «جناح الاستوزار» في الحزب عن جدوى المشاركة في الحكومة الحالية، ضد الملكية، ويصير كل منتقد للعثماني حليفا لأوفقير، وكل مساند لبنكيران طامعا في تحويله إلى بنبركة، مع العلم أن بنبركة مات شهيدا من أجل أفكاره، وعاش رمزا من رموز الحركة الوطنية، وهو من أشرف على تنظيم عودة محمد الخامس إلى عرشه، أما ما وقع من خلاف بعد ذلك بينه وبين السلطة، فكان مع الحسن الثاني وليس مع العرش.

يرفع السيد يتيم شعارا يظن أنه يخرس كل من ينتقد التوجه الجديد لحزب العدالة والتنمية، للتعايش مع السلطوية والتغطية على تراجع البلاد إلى الخلف، فيقول: ‘‘حزبنا حزب إصلاحي وليس ثوريا، محافظ وليس راديكاليا’’… وأنا أتفق مع هذا الشعار، وأقول إن كل الأحزاب في المغرب إصلاحية، وجل الحركات السياسية محافظة، لكن، لا بد من تعريف معنى الحزب الإصلاحي والاتجاه المحافظ.

الحزب الإصلاحي، بالتعريف، هو هيئة سياسية شرعية تقبل بثوابت النظام السياسي القائم، وتسعى إلى تطبيق برنامجها إصلاحي من داخل الدستور، ووفق الآليات الديمقراطية المعتمدة للوصول إلى السلطة.. لكن الحزب الإصلاحي ليس هو الذي يتنكر لبرنامجه الانتخابي، ويحصل على أصوات الشعب، ويبددها في صفقات سياسية تضر بمسار التحول الديمقراطي. هذا ليس إصلاحا.. هذا تراجع عن روح الإصلاح، لا تنفع في تغطيته دروس الوعظ والإرشاد وآداب الاختلاف، على أهميتها، لكن ليس هذا موضعها ولا مناسبتها. عندما تكون النار مشتعلة في البيت، فلا تسمع لمن يرفع أكف الدعاء إلى السماء، بل اتبع من يحمل الماء لإطفاء النار… هل حكومة الإصلاح تقبل بـ‘‘سلخ’’ المواطنين في الحسيمة، واعتقال مئات الشباب لأنهم خرجوا للمطالبة بحقوقهم بطريقة سلمية وحضارية؟ هل حكومة الإصلاح تسكت عن عودة التعذيب، كما فضحه تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان؟ هل حكومة الإصلاح تسمح لمركب المصالح التجارية والنفطية ببسط سيطرته على الحكومة، وعرقلة لجنة برلمانية للتحقيق في أسعار المحروقات؟ عندما أطلق بعض الشباب في حزب العدالة والتنمية لقب «آية الله التبريري» على الأستاذ يتيم، اعتبرت أن هذه قسوة منهم لا لزوم لها، لكن، بعدما كتب ما كتبه، أصبحت أتفهم هذا الوصف، وإن كنت لا أستعمله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التهمة الاصطدام بالملكية التهمة الاصطدام بالملكية



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca