أخر الأخبار

سلطة المال ومال السلطة

الدار البيضاء اليوم  -

سلطة المال ومال السلطة

بقلم - توفيق بو عشرين

بدأ الخناق يضيق حول عنق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، واستطلاعات الرأي الآتية من وراء الأطلسي تقول إنه «أسوأ رئيس عرفته أمريكا من بين 45 رئيسا دخلوا إلى البيت الأبيض، بمن فيهم من قامت الحرب الأهلية في عهده». لماذا يوجد تاجر العقار في ورطة كبيرة اليوم تهدد منصبه الرئاسي وتهدد إمبراطوريته المالية؟
عشية كشف المحقق الخاص، روبرت مولر، أدلة جديدة حول تورط روسيا في التلاعب بانتخابات الرئاسة الأخيرة، ما سمح له بتوجيه اتهام مباشر ورسمي إلى ثلاثة عشر مواطنا روسيا، وإلى ثلاث شركات كبرى، بالوقوف خلف التلاعب في أخبار وصور ومعطيات حساسة عن الحملة الانتخابية لمنافسة ترامب، أي هيلاري كلينتون، من خلال تشويه صورة الأخيرة، والتسلل إلى بريدها الإلكتروني، وإخراج معلومات ومعطيات تدينها، وأخيرا الوقوف وراء حملات دعائية والترويج المؤدى عنه لأخبار ومقالات وفيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي تخدم ترامب (قام الروس بإضعاف هيلاري وتقوية ترامب في بلاد تلعب فيها الحملات الانتخابية دورا كبيرا في اختيار الرئيس).. عشية الكشف عن كل هذا العمل، الذي يعتبر اعتداء سافرا على السيادة الأمريكية وديمقراطية بلاد العم سام.. اعتداء يقترب من أن يوازي في خطورته اعتداءات 11 شتنبر، غرد الرئيس «المعتوه» على «تويتر» ليلا، مقللا من أهمية عمل المحققين الأمريكيين، وقال: «إن الروس يضحكون علينا، وإن FBI عوض أن يلتقط الإشارات التي وصلته عن حادث إطلاق الرصاص في مدرسة أمريكية والذي أودى بحياة الكثير من الطلاب، منشغل بالتحقيقات في التدخل الروسي في انتخاباتنا».
طبعا لم تمر هذه التغريدة بسهولة في بلاد يحاكم فيها الإعلام ساسته بلا رحمة، فكتب واحد من أشهر كتاب الرأي في جريدة «نيويورك تايمز»، توماس فريدمان، قائلا: «إما أن إمبراطورية ترامب العقارية أخذت أموالا طائلة من أثرياء روس سريين لديهم علاقات مع الكرملين، إلى حد أن هؤلاء صاروا يملكون ترامب، وإما أن الإشاعات التي تقول إنه دخل في سلوكات جنسية منحرفة، حين كان في موسكو مشرفا على مسابقة ملكات الجمال، صحيحة، حيث سجلت المخابرات الروسية مغامراته بالفيديو، وهو لا يريد أن يتم فضحه، وإما أن ترامب يصدّق فعلّيا الرئيس فلاديمير بوتين حين يقول إنه بريء من التدخل في انتخاباتنا، مقابل تكذيبه الخلاصات التي توصلت إليها أجهزة ترامب نفسها بهذا الشأن». وينهي فريدمان مقاله بخلاصة صادمة فيقول عن أقوى رئيس في العالم، دون أن يخشى متابعة القضاء إياه: «في رأيي، ما يخفيه ترامب له علاقة بالمال. الأمر يرتبط بصلاته المالية بنخب الأعمال المقربة من الكرملين. ربما يملكون حصة كبيرة في ممتلكاته. ربما يملكون الرئيس برمته».
المال أساس كل شر -يقول الإنجيل- ويصبح زواج المال بالسلطة أساس كل الشرور. إذا كان هذا يقع في أمريكا التي تتوفر على أقوى مؤسسات للحكم، وفيها قضاء مستقل، وإعلام حر، وأجهزة أمنية تتبع القانون أكثر مما تتبع الرئيس الذي يعين قادتها، فكيف تستطيع البلدان النامية أو المتخلفة، أو حديثة العهد بجهاز الدولة، أن تقاوم تأثير المال في السلطة، وتأثير السلطة في المال، دون ضوابط، ودون قوانين ولا ثقافة تجرم تضارب المصالح؟ هذا الوضع لا يقف عند ممارسات فاسدة لاستغلال السلطة لتنمية المال بطرق غير مشروعة، ولا استعمال المال للوصول إلى السلطة بطرق مشبوهة، بل يصل إلى حد «الاستحواذ على الدولة». والاستحواذ هو أحد المفاهيم الجديدة التي وضعها خبراء البنك الدولي لتحليل النظم السياسية في العالم العربي وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، في سياق تحليل المنظومة المتطورة للفساد الذي ينخر هذه الدول.
يعرّف خبراء البنك الدولي عملية الاستحواذ على الدولة كالتالي: «كل الجهود التي يبذلها عدد صغير من الأفراد أو الجماعات أو لوبيات المصالح أو الجيش أو الساسة الفاسدون، لصياغة قوانين اللعبة السياسية والاقتصادية بشكلٍ يجعلها تخدم مصالحهم أو تجارتهم أو مواقعهم أو سلطتهم، خارج القانون وقواعد الحكامة ومبادئ الشفافية».
كيف تتم عملية السطو على الدولة حسب هذا المفهوم؟ يجيب خبراء البنك الدولي: «عبر صياغة قوانين خاصة بأصحاب المصالح، أو اقتسام الغنائم مع مسؤولين في الإدارة، أو عبر شراء أصوات الناخبين للتحكّم في البرلمانات، أو من خلال تأسيس شبكة موازية داخل الجهاز الحكومي (مؤسسات عمومية وصناديق سوداء وأموال دعم لا تذهب إلى مستحقيها) لخدمة مصالح خاصة، كما تتخذ عملية الهيمنة على الدولة من شبكات المصالح هذه صورة التدخل في سير الجهاز القضائي، والتحكّم في قراراته، وكل هذا يجري بطرق ملتوية، لا تظهر عادة لعموم الرأي العام».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلطة المال ومال السلطة سلطة المال ومال السلطة



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 01:28 2016 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

طريقة جديدة لإبقاء تصاميم الأثاث في المنزل أنيقة وعصرية

GMT 16:53 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الوزير الجبير يلتقي وزيرة الخارجية البلغارية

GMT 08:15 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

روس يرد على قناة على قناة "إن بي سي" التليفزيونية

GMT 11:31 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد شاكر يوضح سر ابتعاده عن الوسط الفني مع نادية حسني

GMT 07:28 2015 الأربعاء ,13 أيار / مايو

مسودة قانون جنائي أو مشروع للرقابة والتحكم

GMT 11:29 2017 الإثنين ,12 حزيران / يونيو

النجمة كاتي بيري تمد يدّ الصلح إلى تايلور سويفت

GMT 21:16 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب المصري للجولف يتحضر للمشاركة في البطولة العربية

GMT 11:19 2018 الخميس ,09 آب / أغسطس

فنون نجران تنظم ورشة عمل عن "الخط السنبلي"

GMT 05:41 2018 الإثنين ,30 تموز / يوليو

تحديث أجهزة أبل وأندرويد فى الهواتف الذكية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca