مناضل القرب ومعارض البعد

الدار البيضاء اليوم  -

مناضل القرب ومعارض البعد

بقلم - توفيق بو عشرين

الذين اعتقدوا أن شباط نقابي شعبوي سيسلطونه على بنكيران لإزعاجه، وبعد ذلك سيصرفونه من الخدمة بهدوء، كانوا خاطئين، والذين اعتقدوا أن الأمين العام لحزب الاستقلال سيلعب لعبة «التشويش السياسي» ثم ينتظر التعليمات الجديدة ليلعب أدوار الكومبارس، كانوا مخطئين. شباط تمرد في نصف الطريق، وها هو يقلب الطاولة على الجميع، ويوزع الاتهامات الخطيرة التي لن يرد عليها أحد كالعادة، رغم أن قطاعات واسعة من النخبة في الكواليس، وفي الصالونات، وفي المقاهي والبارات، يتابعونها، ويصدقونها، ويبنون فوقها الاستنتاجات الازمة.

شباط قصة فريدة في تاريخ العلاقة بين الأحزاب والدولة.. قصة ليست كباقي القصص. مناضل القرب بدأ مشواره السياسي نقابيا متمردا في فاس، أسهم في إشعال نار أحداث 1990، وهرب من فاس إلى الرباط في «كوفر» السيارة خوفا من الاعتقال، ثم بدأ يصعد مع نزول حزب الاستقلال إلى الحضيض، حتى أصبح زعيما للحزب محاطا بالنخبة البرجوازية، والتقنوقراطي في الحزب التي فرشت له السجاد الأحمر لدخول «باب العزيزية». ولأنه لم يكن مؤهلا لحكم حزب محافظ وعريق، ولأنه جاء في ظرفية صعبة ومعقدة، ولأنه وجد نفسه رهينة نخب استقلالية انتهازية أصبحت ارتباطاتها بالسلطة أوثق من ارتباطاتها بالحزب، شرع شباط في السباحة بين أمواج عاتية، إلى أن جاء من وجهه إلى أن الربح يوجد في معارضة المصباح، وأن الخريطة السياسية ستُقلب إن هو خرج من الحكومة السابقة، وكشر عن أنيابه بالهجوم على بنكيران، واتهامه بالعمالة للموساد، وخدمة داعش، وتهديد الاستقرار الاجتماعي، وما إلى ذلك من اتهامات وصلت إلى حد تجييش الحمير في تظاهرات معارضة للحكومة بالرباط.

دار الزمن ولم يستيقظ شباط إلا بعدما هوى من كرسي عمادة فاس على يد شاب كان، إلى وقت قريب، مغمورا في وزارة المالية، ولم يسبق له أن ترشح مطلقا لأي مهمة انتخابية، لكن مدفعية بنكيران الخطابية وقاعدة الحزب الصلبة جعلتا إدريس اليزمي يبسط نفوذه على مدينة فاس في الانتخابات الجماعية والتشريعية. هنا فهم النقابي الذي أصبح سياسيا الرسالة: «هناك فيلم واحد بطله هو البام والباقي كلهم كومبارس». عندما تجدد سيناريو فيلم 2016، الذي كان يرمي إلى جمع توقيعات كل الأحزاب الرافضة للتحالف مع بنكيران في منزل إدريس لشكر، سأل شباط إلياس العماري قائلا: «إذا لم يكن بنكيران هو رئيس الحكومة فمن سيكون البديل؟»، فرد إلياس العماري -والعهدة على من حضر اللقاء وسرب تفاصيله إلى الصحافة- مشيرا بإصبعه إلى نفسه. هنا ثار شباط وقلب الطاولة، وخرج غاضبا من بيت لشكر في الكيلومتر التاسع بطريق زعير إلى منزل الراحل امحمد بوستة في السويسي، وحكى له كل ما دار، وانتهى اللقاء بين الأمين العام والزعيم إلى رفض تخلي الاستقلال عن التحالف مع بنكيران، والحفاظ على استقلالية الحزب وعدم الدخول في مغامرات غير محسوبة العواقب مع البام ومن يرعاه وبقية القصة معروفة، أبعد الاستقلال عن الأغلبية حتى قبل قصة موريتانيا، ذلك أن أخنوش وفي أول لقاء له مع بنكيران اشترط على رئيس الحكومة أمرين، الأول إبعاد حزب الاستقلال عن الحكومة وعدم رفع الدعم عن الغاز…

لنتأمل مشهدنا السياسي والحزبي، ودرجة الأمراض التي لحقته في مرآة مناضل القرب الذي عقد ندوة صحافية أمس لإلقاء آخر أوراقه.. تأملوا هذه التصريحات: «إنهم يتهمونني بإفشال مشروعهم حين رفضت الانقلاب على نتائج الانتخابات، ماذا لو سايرتهم وتشكلت حكومة من الحزب الثاني (البام)، ماذا كان سيقع للبلاد؟ لقد كان عليهم مجازاتي على موقفي الذي حمى البلاد بعدما عدنا لاحترام الدستور ونتائج الاقتراع».. «أنا مرشح الشعب الذي سيقف أمام مرشح المخزن، وأنا لن أسمح بتعيين الأمناء العامين للأحزاب ليصبحوا موظفين سامين».. «لا تحالف إلا مع البيجيدي ولو كره المخزن». «دار المخزن دار كل المغاربة، والملكية للجميع، ووزارة الداخلية فعلت كل شيء من أجل إهداء المرتبة الأولى للبام في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لكنها فشلت، وجاء المصباح في المرتبة الأولى، وبدأت المناورات من أجل الانقلاب على صندوق الاقتراع، ورفضت دخول هذه اللعبة، ومصيري هو مصير بنكيران». «سأبق صامدا ولن أبيع حزب الاستقلال. لن أخرج مثلما خرج إلياس العماري من البام.. اتصلوا به ليلا وقالوا له استقل من الحزب، وفي اليوم الموالي قدم استقالته».. بدون تعليق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مناضل القرب ومعارض البعد مناضل القرب ومعارض البعد



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca