في الفرق بين الحصيلة و«الحصلة»

الدار البيضاء اليوم  -

في الفرق بين الحصيلة و«الحصلة»

بقلم - توفيق بو عشرين

أن يخرج رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، ليعرض حصيلة مفترضة لحكومته خلال 100 يوم الأولى من عمله، فهذه جرأة سياسية أشهد بها لرئيس حكومتنا. إنه مثل صياد سمك يدخل إلى السوق وهو لم يصطد شيئا، وأكثر من هذا، عوض أن يضع أسماكا أمام الناس، راح يحدثهم عن رحلة الصيد، وعن المتاعب التي اعترضته، وعن قوة الأمواج في البحر.

حكومة أبريل تعتبر وعود الإصلاح إنجازات، والنوايا استراتيجيات. إليكم ما تحقق فعلا في 120 يوما من عمر هذه الحكومة.

قبل العثماني ما رفضه بنكيران، أي تشكيل حكومة خارج نتائج الاقتراع، والتنازل عن حق رئيس الحكومة في اختيار أغلبيته. الجميع يعرف أن حزب الاتحاد الاشتراكي فُرض على الحزب الأول، وأن اخنوش ابتز المصباح، وأن شروط بنكيران كانت شروط الحزب كله… هذا هو الإنجاز الأول، حيث بَارَكت حكومة العثماني قرار الانقلاب على نتائج الاقتراع، وخرجت حكومة لا تشبه في شيء نتائج السابع من أكتوبر والنتيجة امامكم البلاد في قاعة انتظار كبرى… الإنجاز الثاني أن العثماني أدخل كرسي رئاسة الحكومة إلى معمل النجارة، حيث قبل بإعادة تفصيل الكرسي على مقاس المرحلة ومقاس الوافد الجديد على رئاسة الحكومة، حيث اتضح أن الحجم الذي أخذه كرسي رئاسة الحكومة في المملكة أكبر من المسموح به، فرغم أن بنكيران فرط في كثير من صلاحياته الدستورية اثناء ولايته من أجل طمأنة نظام لا يعترف بشركاء في الحكم فانه الحجم السياسي الذي اكتسبه موقع رئاسة الحكومة لم يعد مقبولا.

الإنجاز الثالث أن العثماني صب المزيد من الزيت على نار الحسيمة، وعوض أن يمسك العصا من الوسط بين الداخلية والشارع، انساق وراء أوهام وزير داخليته، وخرج، رفقة رؤوس الأغلبية، بنظرية الانفصال وعمالة شباب الحراك للخارج، والنتيجة أن الأزمة كبرت وتعقدت أكثر، ولم يعد أي حل سياسي موضوعا على الطاولة، سوى الحل الأمني، ومعه القانون الجنائي، وبقية القصة معروفة حيث رجع الاعتقال السياسي في عهد هذه الحكومة، وإن كانت مسؤولية ذلك جماعية تتحمل كل الأطراف نتائجها (أكثر من 300 شاب معتقل اليوم بتهمة التظاهر السلمي). البلاد في أزمة جسدها أفضل تجسيد خطاب الملك بمناسبة عيد العرش، حيث رسم صورة سوداء للطبقة السياسية، وللحكومة التي اعتبرها في واد واهتمامات الناس ومشاكلهم في واد آخر!

الإنجاز الرابع للحكومة أن الحديث عن التعذيب في المغرب رجع ومعه انتهاكات حقوق الإنسان، وإذا لم يعجب الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، تقرير هيومن رايتس ووتش ورآه مغلوطا ومتحاملا ومسيسا، فليحجم عن قراءته، وليطلع فقط على تقرير المجلس الوطني حقوق الإنسان، والتقرير الطبي الذي أنجزه أطباء شرعيون محلفون ومعتمدون حول تعرض بعض معتقلي الحراك للتعذيب، هذا يكفي، أما قصة استقلالية القضاء، جالسا وواقفا، وقدرته على إجراء تحقيقات ذات مصداقية، فهذه قصة لا تقنع أحدا.. نحن أعرف بخروب بلادنا أكثر من أي شخص او منظمة اجنبية.

الإنجاز الخامس لحكومة العثماني هو أنها قسمت حزب العدالة والتنمية إلى «تيار الوزراء» و«تيار بنكيران»، والنتيجة أن العثماني يقود حكومة هجينة، وقاعدة حزبه تقود معارضة شديدة، والى الان لم يستطع العثماني توحيد الحزب وراءه، كما لم يستطع بنكيران إقناع إخوانه بالخروج من حكومة لا تمثل الحزب، ولا تمثل مليوني مغربي صوتوا للمصباح… ولأن هذه الفوضى لا تصنع لحنا موحدا، فإن أحزاب الأغلبية كل واحد فيها «يغني على ليلاه»، حيث تحول حزب الأحرار إلى المعارض رقم واحد للحكومة من الداخل.. وكل انسجام وأنتم بخير.

الناس اليوم لا يريدون أن يسمعوا حصيلة عن التقائية السياسات العمومية، وتبسيط المساطر الإدارية ومخططات لانعاش الشغل على الورق، وإخراج ونقل اختصاصات وزارة العدل إلى النيابة العامة دون رقيب ولا حسيب. الناس يريدون فقط في هذا الظرف  أن يعرفوا سبب فساد لحم العيد، وكيف ظهرت ألوان قزح على خروف العيد، حتى أصبح «mouton en couleur». وزارة أخنوش والهيئة التابعة لها قالتا، دون بحث ودون تحقيق في الأمر، إن ارتفاع الحرارة، وقلة معرفة الناس بطريقة حفظ اللحم هما السبب، والمغاربة يقولون إنهم يذبحون الخرفان منذ قرون، منذ دخل الإسلام إلى هذه البلاد، ولا يعقل ألا يتعلموا بعد 1400 سنة كيف يذبحون خروفا ويأكلوا لحمه دون أن يصبح ملونا… إذا أجبتهم عن هذا اللغز، فقد تفتح شهيتهم لسماع خطاب الحصيلة، وإلا فإن الصمت حكمة، ورحم الله عبدا قال خيرا أو سكت…

حالة الإنكار التي دخلها وزراء البيجيدي في الحكومة لا تحل المشاكل بل تعقدها. يروي شخص من مراكش أنه التقى كلبا يجري وهو يكاد يلفظ أنفاسه، فسأله: «ما بك؟ ولماذا تجري بهذه الطريقة الجنونية؟»، قال له: «إنني قادم من الرباط وهناك يأكلون كل قط وجدوه أمامهم»، فقال له المراكشي «ولكنك كلب ولست قطا»، فقال له: «ومن يقول للقوم هذه الحقيقة»…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الفرق بين الحصيلة و«الحصلة» في الفرق بين الحصيلة و«الحصلة»



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca