المغرب: السياسة الاستباقية في التصدي للإرهاب

الدار البيضاء اليوم  -

المغرب السياسة الاستباقية في التصدي للإرهاب

بقلم - ادريس الكنبوري

التجربة المغربية تحظى بترحيب خاص لدى العواصم الغربية، بسبب نجاحها في الضربات الاستباقية الموجهة إلى الجماعات الإرهابية.

يقظة أمنية
لم يتوقف الإرهاب عن التربص بأمن المغرب منذ سنوات، وخصوصا منذ أن ظهر على السطح ما سمي بتنظيم الدولة في سوريا والعراق قبل أربعة أعوام. ذلك أن قرب المغرب من أوروبا، حيث لا تفصله عن إسبانيا إلا بضع كيلومترات، يجعله في مرمى أهداف الجماعات الإرهابية التي تسعى من خلال استهداف المغرب إلى توجيه رسائل إلى البلدان الأوروبية مفادها أن الحوض المتوسطي الجنوبي ليس آمنا.

ومرة أخرى نجحت السلطات الأمنية المغربية، الخميس الماضي، في تفكيك جماعة متطرفة جديدة تنشط بين مدينة طنجة شمال المملكة، ومدينة وادي زم وسط البلاد، تتكون من ثمانية أفراد كانوا، حسب وزارة الداخلية المغربية، بصدد البحث عن المواد الأولية لصنع العبوات والأحزمة الناسفة.

بيد أن ما هو مثير أن أفراد هذه الخلية تتراوح أعمارهم ما بين 21 و31 سنة، أي من الشباب الذي يسقط بسهولة في أحضان الجماعات الإرهابية والفكر المتطرف، سواء عبر الاحتكاك المباشر أو عبر وسائل التواصل الحديثة.

تصدرت منطقة الشمال المغربي في الأعوام الأخيرة صدارة الأخبار المتعلقة بالإرهاب والتطرف، كون المنطقة قريبة من إسبانيا ومن مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، حيث يمكن للمتطرفين أن يعبروا الحدود بكل سهولة للبحث عن مجندين.

المغرب يدرك بأن الظاهرة الإرهابية اليوم ليست فقط ظاهرة ذات جوانب تقنية أو عملياتية، بقدر ما هي ظاهرة تجد جذورها في الفكر المتطرف الذي ينتشر بين الشباب بفعل وسائل التواصل

وخلال السنوات الثلاث الماضية تمكنت الرباط ومدريد من تفكيك عدد من الخلايا المتطرفة بتنسيق بين أجهزة الأمن التابعة لهما، وذلك في سبتة ومليلية ومدن الشمال المغربي، بما في ذلك إقليم كتالونيا الإسباني حيث توجد جالية مغربية مهمة، ما يجعل الجماعات المتطرفة تحاول التغلغل بين أفرادها لإيجاد أعضاء جدد.

وتظهر الأرقام حجم المخاطر التي تحيط بالمغرب، بسبب تنامي الظاهرة الإرهابية على صعيد شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، واستمرار اشتعال الأوضاع الأمنية في ليبيا. فحسب المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع لجهاز المخابرات المغربية، فقد تم منذ عام 2002 تفكيك ما يزيد على 170 خلية إرهابية، تضم العشرات من الأفراد من مختلف أنحاء المملكة، وإن كان الملاحظ أن منطقة الشمال تأخذ حصة الأسد للأسباب التي ذكرناها أعلاه.

هذا العدد من الخلايا المفككة ليس سهلا في فترة زمنية لا تتجاوز الأربع سنوات، إذ هو يعني تفكيك أكثر من عشر خلايا في العام الواحد. ومرد ذلك اليقظة الأمنية التي يتحلى بها جهاز الأمن في المملكة، حيث استطاع هذا الجهاز منذ بضع سنوات مواكبة التحولات في مجال الإرهاب والجريمة المنظمة، وتعزيز آلياته وتطوير التعاون مع الأجهزة الأمنية والاستخبارية في عدد من البلدان الأوروبية، بل وتقديم خبراته إلى عدد من البلدان الأوروبية كفرنسا وإسبانيا وبلجيكا.

وتحظى التجربة المغربية بترحيب خاص لدى العواصم الغربية، بسبب نجاحها في الضربات الاستباقية الموجهة إلى الجماعات الإرهابية. وتعتمد هذه الاستراتيجية على تلافي المخاطر الإرهابية قبل وقوعها، واستثمار الخلايا المفككة في مراكمة قاعدة بيانات حول طرق ووسائل الإرهابيين وكيفية إعداد مخططاتهم التخريبية، ومعرفة خارطة تحركاتهم، وهو الأمر الذي يفيد في تطوير السياسة الأمنية.

ويدرك المغرب بأن الظاهرة الإرهابية اليوم ليست فقط ظاهرة ذات جوانب تقنية أو عملياتية، بقدر ما هي ظاهرة تجد جذورها في الفكر المتطرف الذي ينتشر بين الشباب بفعل وسائل التواصل، وفي سعيه إلى مجابهة هذه المخاطر يرفق المغرب سياساته الأمنية بسياسة دينية تهدف إلى تحصين الشباب من الأفكار الشاذة وتنمية الوعي الديني السليم، انطلاقا من الوعي بأن للإرهاب جانبه المادي الملموس وجانبه الفكري الذي يتطلب عملا على المديين المتوسط والبعيد.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المغرب السياسة الاستباقية في التصدي للإرهاب المغرب السياسة الاستباقية في التصدي للإرهاب



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca