طي صفحة بن كيران

الدار البيضاء اليوم  -

طي صفحة بن كيران

بقلم - ادريس الكنبوري

بن كيران سعى إلى إدخال البلاد في أزمة سياسية، عبر ممارسة الضغط على الحكومة وتشكيل جبهة معارضة لها داخل الحزب والدفع بفريقه البرلماني إلى تقليد سلوك المعارضة.

بعد مخاض طويل وصراعات عميقة وتبادل للاتهامات والانقسامات حول الولاية الثالثة للأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بن كيران، تمكن الحزب أخيرا من وضع نهاية للجدل الذي دام أشهرا عدة، بتصويت المجلس الوطني ضد مقترح تعديل القانون الأساسي للحزب، بما يغلق الباب أمام تمكين بن كيران من الترشح لولاية جديدة في المؤتمر المقبل، المقرر تنظيمه نهاية الشهر المقبل.

تيار بن كيران داخل الحزب فوجئ بالنتيجة التي لم تكن متوقعة، فحتى نهاية الأسبوع الماضي كان أنصار الرجل ينتظرون أن يكون التصويت في المجلس الوطني انتصارا لخيارهم الذي دافعوا عنه طيلة الشهور الماضية، وقادوا من أجله معركة ضارية لم تقتصر على الحزب فحسب، بل امتدت إلى داخل حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي، لتجد هذه الأخيرة نفسها في ورطة وتصدر قبل أسابيع بلاغا غير مسبوق تتبرأ فيه من أعضائها الذين يغلّبون انتماءهم السياسي إلى الحزب على انتمائهم إلى الحركة، ويخلون بالضوابط المرعية داخل هذه الأخيرة. ولكن البلاغ، الذي أرادت الحركة أن تضع من خلاله مسافة بينها وبين الحزب، كشف بالمقابل التبعية المتبادلة بين التنظيمين، وكان عنوانا على حالة الارتباك حيال العلاقة بينهما.

وبخسارة تيار الولاية الثالثة لهذه المعركة، يمنى مشروع بن كيران بانتكاسة كبرى على أبواب المؤتمر القادم، وتصبح نهايته السياسية على رأس الحزب في حكم المؤكد. فمنذ إعفائه من مسؤولية تشكيل الحكومة من طرف القصر الملكي في مارس الماضي، بدأ أمين عام الحزب يجيش أنصاره من أجل التجديد له لكي يظل على رأس الحزب كزعيم لحركة الرفض أو معسكر الضغط في مواجهة الدولة والحكومة التي يقودها سعدالدين العثماني، أحد أعضاء الحزب البارزين، وأخذ يسوق لنفسه بوصفه رجل الإنقاذ الذي يمكنه أن يحفظ الحزب من الانحراف، بحسب التعابير التي استخدمها أنصاره، موهمين القواعد الحزبية بأن تشكيل حكومة العثماني كان انحرافا عن خط الحزب. ووصلت المواجهة بين أنصار بن كيران وأنصار العثماني حدا بلغ تبادل الاتهامات بالعمالة ومحاولة استهداف الحزب من الداخل والتآمر عليه.

كان واضحا أن بن كيران سعى إلى إدخال البلاد في أزمة سياسية، عبر ممارسة الضغط على الحكومة وتشكيل جبهة معارضة لها داخل الحزب والدفع بفريقه البرلماني إلى تقليد سلوك المعارضة، بل إن التكهنات وقتها وصلت إلى حد الحديث عن إمكانية تقديم رئيس الحكومة لاستقالته للتخلص من التأثير السلبي الذي بات يقوم به بن كيران وأنصاره، بسبب شعوره بأنه لا يتصرف بحرية ولا يجد مساندة سياسية من حزبه. وبالرغم من الدعوات المتكررة لعدد من الشخصيات، سواء داخل الحزب أو ضمن الحركة، من أجل إقناع بن كيران بالتخلي عن فكرة الولاية الثالثة والانسحاب بشرف، إلا أنه ظل متشبثا بموقفه، بعد أن شعر بأنه يمكن أن يتحول إلى “شيخ” في الحزب يمسك بجميع الخيوط بين يديه، ويرهن مستقبل الحكومة برمتها ويزايد على الدولة وعلى الأحزاب الأخرى.

بعد أن طوى الحزب صفحة بن كيران نهائيا، في ما يتعلق بطموحه إلى البقاء في قيادته، هناك تكهنات بخصوص مستقبله السياسي وما إن كان سيفضل الانسحاب من الحزب، بعدما أدرك الآن أنه كان يمثل أقلية وأن أحلامه التي راهن عليها قد تبخرت، أم أنه سيحتفظ بموقعه في التنظيم كعضو عادي، وهذا أمر مستبعد بالنظر إلى الأدوار التي لعبها في تاريخ الحزب والحركة منذ أربعة عقود. فمنذ إنشاء جمعية الجماعة الإسلامية في بداية الثمانينات من القرن الماضي وبن كيران يتصدر المشهد مهما كانت التحولات، واستطاع أن يصوغ شخصية كاريزمية لا ترضى بغير التواجد في الطليعة، وهو من لعب الدور الأساس في الوحدة التي حصلت بين تنظيمين إسلاميين عام 1996 وتكوين حركة التوحيد والإصلاح، ثم التفاوض مع حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية من أجل إقناعه بانخراط أعضاء الحركة فيه، وفي تحويل اسم الحزب إلى حزب العدالة والتنمية.

وعندما حقق الحزب الفوز في انتخابات 2011 ودخل الحكومة لأول مرة في تاريخه تولى بن كيران رئاسة الحكومة؛ لذا يبدو من الصعب أن يتقبل هذا الأخير التواجد في موقع هامشي بعد هزيمته المدوية، بالرغم من أنه أعطى الانطباع، في أول تصريحاته بعد اجتماع المجلس الوطني، بأنه يقبل نتائج اللعبة الديمقراطية مهما كانت.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طي صفحة بن كيران طي صفحة بن كيران



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 08:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 19:28 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 18:18 2022 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب المنتخب المغربي يحسم اللائحة الأولية لمونديال قطر

GMT 07:55 2018 الخميس ,24 أيار / مايو

سمر مبروك تطلق مجموعة جديدة من أزياء رمضان

GMT 05:20 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فيصل فجر يؤكد أن كرسي الاحتياط لا يزعجه في خيتافي

GMT 16:10 2017 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

وسائل إعلام إسبانية تكشف انفصال شاكيرا وبيكي

GMT 05:47 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نفوق حيوان بحري من نوع الحوت الأحدب في شاطئ القحمة

GMT 00:16 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

صور صدام حسين تلهب مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 14:36 2014 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الأسرة الملكيّة تحتفل بذكرى ميلاد الأميرة للا حسناء الأربعاء

GMT 20:30 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وقفة احتجاجية لذوي الاحتياجات الخاصة فى مراكش

GMT 16:35 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

باوتيستا تتأهل إلى ثاني أدوار بطولة بازل للتنس

GMT 03:59 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

عناصر مهمة لديكورات حمامات فخمة تخطف الأنظار

GMT 19:58 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سلامة يشكر إذاعة "إينرجي" بعد تتويج مسلسل "طايع"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca