الإرهاب في الساحل.. مؤشرات جديدة لقلق دولي

الدار البيضاء اليوم  -

الإرهاب في الساحل مؤشرات جديدة لقلق دولي

بقلم - ادريس الكنبوري

القوات الأممية في مالي ليست سوى قوات رمزية لا تستطيع أن تصنع سلاما ولا أن تطفئ حربا، لأنها لم تنجح في فرض السلام في البلاد بعد مرور خمس سنوات.

تهديد مستمر
أحيا الهجوم الذي استهدف معسكرين تابعين لبعثة الأمم المتحدة في مالي (المينوسما) وقوة “بارخان” الفرنسية في العاصمة المالية تومبوكتو السبت الماضي المخاوف من احتمال تصاعد موجات العنف والإرهاب في منطقة الساحل، بالرغم من كل الجهود التي بذلت، ومازالت تبذل، بهدف التصدي للمخاطر الإرهابية منذ بضع سنوات ومن أجل إعادة مالي إلى وضعها الطبيعي.

أظهر الهجوم الإرهابي، الذي خلف قتيلا من العاملين في القوات الأممية ينحدر من بوركينا فاسو وقرابة عشرين جريحا، أن التدهور الأمني في البلاد لم يعد مقتصرا على منطقة الشمال، التي سيطر عليها قبل ست سنوات مقاتلون تابعون لتنظيم القاعدة والجماعات المسلحة الناشطة في المنطقة قبل أن تتدخل فرنسا في 2013 لإبعادهم، وإنما صار اليوم يخيم على وسط البلاد، بل على المناطق التي كانت تعد الأكثر أمنا، بسبب تواجد قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام والقوات الفرنسية المتمركزة هناك منذ 2014. ولهذا يأتي هذا الهجوم غير المسبوق كإشارة قوية من الجماعات المسلحة بأن وجود قوات عسكرية أجنبية لن يجلب الأمن؛ ولعلها الرسالة الأساسية التي سعى الإرهابيون إلى تسويقها من خلال ذلك الهجوم.

وقد تلقت فرنسا خلال الشهرين الأخيرين ضربات قوية على يد الجماعات المسلحة، استهدفت رموزا سياسية كبرى. ففي الثاني من شهر مارس الماضي استهدف هجوم مسلح في العاصمة البوركينية، واغادوغو، محيط مقر السفارة الفرنسية والمركز الثقافي الفرنسي، مخلفا قتلى أحدهم فرنسي الجنسية.

إلا أن العملية الأخيرة أظهرت قدرة الجماعات الإرهابية على اللجوء إلى أساليب متطورة وخفية، حيث تم استعمال مركبات عسكرية تابعة للبعثة الأممية والجيش الوطني المالي، وهي نفس الطريقة التي استعملها مقاتلو هذه التنظيمات في نوفمبر 2016 عندما شنوا هجوما ضد مقر البعثة الأممية في غاو بسيارتين مفخختين، وتكرر نفس الأسلوب في العملية الإرهابية الأوسع في يناير من العام الماضي في الهجوم على ثكنة عسكرية في منطقة غاو، خلفت 77 قتيلا.

Thumbnail
وتتعرض القوات التابعة للأمم المتحدة لعمليات بين الحين والآخر تستهدف طاقمها العسكري، في محاولة لزرع اليأس في صفوف المجندين الذين ينحدرون من بلدان المنطقة، وضرب مصداقية الأمم المتحدة من خلال إشاعة حالة من التشكيك في قدرتها على أداء مهامها.

ومنذ العام 2013، تاريخ تشكيل قوات “المينوسما”، لقي 160 من القبعات الزرق مصرعهم على يد الجماعات الإرهابية المسلحة، الأمر الذي يجعلها اليوم أكثر مهام الأمم المتحدة صعوبة في مناطق النزاع في العالم. ويقول مراقبون أوروبيون إن القوات الأممية في مالي ليست سوى قوات رمزية لا تستطيع أن تصنع سلاما ولا أن تطفئ حربا، لأنها لم تنجح في فرض السلام في البلاد بعد مرور خمس سنوات.

وتشعر فرنسا، البلد الأوروبي المعني أكثر بالوضع في مالي خصوصا والساحل بوجه عام، بعجزها عن إحلال الأمن في البلاد. فقد نجحت عام 2013 في مطاردة مقاتلي الجماعات الإرهابية التي كانت قد استولت على شمال مالي شهورا قبل ذلك التاريخ، ومنعتهم من الوصول إلى وسط البلاد في عملية عسكرية واسعة أطلق عليها اسم “سرفال”.

واعتقدت باريس أنها يمكن أن تنهض بمهام تأمين البلاد بشكل نهائي عبر القضاء على الجماعات الإرهابية المسلحة، فأنشأت بعثة عسكرية أطلق عليها اسم “بارخان” في العام التالي، قوامها حوالي 13 ألف جندي، لكن ذلك كله لم يفلح في تجفيف الإرهاب والقضاء على منابعه.

ومنذ العام 2015 جرى التفكير في تكوين قوة عسكرية إقليمية مشتركة تتكون من خمسة بلدان، هي مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا، من أجل التصدي بشكل جماعي للجماعات الإرهابية وحصارها عبر الحدود ومنعها من التحرك بين البلدان الخمسة، غير أن التحديات الأمنية تظل جسيمة بالنظر إلى افتقاد هذه البلدان للعتاد العسكري المتطور الذي يمكن أن يواجه حروبا إرهابية تختلف عن الحروب التقليدية كل الاختلاف، وكذا للتمويل اللازم للقيام بأدوارها، إذ يكفي القول إن الميزانية العسكرية للبلدان الخمسة مجتمعة لا تتجاوز ثلث الميزانية العسكرية لبلد أوروبي كفرنسا على سبيل المثال.

ورغم أن مؤتمر بروكسيل للدول المانحة في فبراير الماضي قدم دعما ماليا كبيرا لمجموعة البلدان الخمسة في الساحل لإنشاء القوة العسكرية المشتركة، إلا أن الطموحات تظل أكبر بالنظر إلى طبيعة الصراع في المنطقة، كما أن حجم هذه القوة، وهو خمسة آلاف جندي، ليس بالحجم الذي يمكن أن يكون كافيا لمواجهة تحديات إرهابية سريعة التحول.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب في الساحل مؤشرات جديدة لقلق دولي الإرهاب في الساحل مؤشرات جديدة لقلق دولي



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 18:19 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 12:52 2013 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

هل الدكتور دكتور والمهندس بالفعل مهندس؟

GMT 00:29 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مشاحنات في جنازة سعيد بونعيلات بين عائلته ورفاقه

GMT 20:49 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 05:23 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات فساتين للمحجبات من أسبوع الموضة في نيويورك

GMT 22:09 2015 الثلاثاء ,17 شباط / فبراير

افتتاح فرع جديد من "المطعم البلدي" في مراكش

GMT 02:51 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

شاب هندي يعاني من مرض الشيخوخة المبكرة

GMT 23:51 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل "اجتماع الأزمة" بين أبرشان ولاعبي اتحاد طنجة

GMT 20:35 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تطورات جديدة في قضية لطيفة رأفت ضد رئيس الوزراء المغربي

GMT 09:16 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بلاك شاينا أنيقة خلال توزيع جوائز "BET Hip Hop"

GMT 08:03 2018 الإثنين ,14 أيار / مايو

طرق وخطوات تطبيق "الأيلاينر الأومبري"

GMT 17:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تدريبات خاصة ليوسف القديوي لاستعادة لياقته البدنية

GMT 22:47 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

حلم كأس العالم يعود يا إماراتيون

GMT 17:10 2015 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فجر السعيد تضع حدا للخلاف مع الفنانة الإماراتية أحلام

GMT 03:22 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام البورقادي وصيفة لبطلة العالم في الكيك بوكسينغ

GMT 00:45 2017 الأحد ,24 أيلول / سبتمبر

ياسر المصري يوضح أن شخصية الزعيم ثرية جدا
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca