عودة محاكم التفتيش

الدار البيضاء اليوم  -

عودة محاكم التفتيش

نسرين البخشونجي

منذ وصول التيار اليميني المتطرف لسدة الحكم في مصر, تحولت معظم البرامج الدينية لبرامج سياسية، و بدأ من يطلقون على أنفسهم لقب "داعية" أو "الشيخ" في لعب دور المحلل السياسي، والقارئ الذي يفند آراء وكتب المثقفين. فاستدعاء الكاتب الدكتور يوسف زيدان للنيابة بتهمة إزدراء الأديان، لسبب كتابه "اللاهوت العربي و أصول العنف الديني"، لم يكن مفاجئة بالنسبة لي، بعدما شاهدت على موقع اليوتيوب مقطع من حلقة لبرنامج "خالد عبد الله", ضيوف البرنامج مهرطقين جُهّال, مهنتهم غسل دماغ البسطاء وإثارتهم، ليكرهوا النخبة "الكافرة" كارهة الدين و الأخلاق، ومن خلال ما شاهدته، علمتُ أن أحدًا من الضيوف لم يقرأ مقطعًا كاملاً، حتى لا يفضحهم غبائهم, بل صَدَروا بعض الكلمات للمشاهد على طريقة "و لا تقربوا الصلاة"، ثم أنهوا حديثهم بأن ما في كتب زيدان ليس علمًا و أنما كفرٌ لا يمكن السكوت عليه، متسائلين كيف يمكن لمؤسسة الأزهر تمرير هذا الكتاب. بعد أيام قليلة من بث هذه الحلقة تم إعلام الرجل للمثول أمام جهات التحقيق، وهكذا تمت مهمة "خالد عبد الله" بنجاح. ومثل هؤلاء كانوا منتشين بفرحة النصر بعدما نشر زيدان روايته المثيرة للجدل "عزازيل"، لأنه – بحسب رأيهم- أظهر الوجه الحقيقي للديانة المسيحية، و نسوا أو تناسوا أنها مجرد نص أدبي خيالي، لا يعول عليه في المسائل الشرعية. هؤلاء يخشون الكتابات التنويرية، لاسيما ما يتعلق بالدين منها, لأنهم لا يرغبون في أن يستنير العقل الجمعي للشعب، ليبقى على عهد السمع و الطاعة، على الرغم من أن التفكير عبادة و عقيدة, ذُكِر مرات عديدة في القران الكريم، وفي صيغ مختلفة "أفلا تتفكرون", "أفلا تعقلون", "أفلا تتدبرون". و رغم الأموال الكثيرة التي تدفعها دول لمثل هؤلاء لتغييب عقول الناس باسم الدين، حقدًا لما قدمته مصر للعالم منذ ألاف السنين و أنها فجر الضمير الإنساني, فأنا على يقين أن الخير مازال فينا. في النهاية، عليَّ أن أختم بالجملة التي صَدَرها زيدان في كتابه اللاهوت العربي "لم يوضع هذا الكتاب للقارئ الكسول, و لا لأولئك الذين أدمنوا الإجابات الجاهزة, عن الأسئلة المعتادة, وهو في نهاية الأمر كتاب, قد لا يقدم و لا يؤخر".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة محاكم التفتيش عودة محاكم التفتيش



GMT 10:18 2023 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

مجانية الالقاب على جسر المجاملة أهدر قدسية الكلمة

GMT 12:12 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

GMT 18:10 2022 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

أنور الخطيب لمحمود درويش: إذن..لماذا خرجت

GMT 14:57 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

التنوع الثقافي لا يُفسد للود قضية

GMT 14:45 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

" واقتلع الشوق ماتبقى مني "

GMT 14:00 2021 الثلاثاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

رقي الإمارات سرها وسحرها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca