لقجع خرق القانون

الدار البيضاء اليوم  -

لقجع خرق القانون

بقلم :بدر الدين الإدريسي

هناك ما هو أهم من احترام المساطر القانونية أو حتى من التحري في قانونية الآليات التي باشر بها فوزي لقجع نقل السلط إلى من كان في السابق، في ما يشبه فترة الإحماء والتمرين، حكيم بنعبد الله ليتولى إدارة النهضة البركانية، ولو أنني ما ادعيت يوما أنني من الذين يحبذون القفز على القوانين لبلوغ غايات أسمى، ولا من الذين شجعوا على الإرتفاع فوق سلطة القانون.

 أقدر حجم المفاجأة التي فجرها فوزي لقجع، خلال الجمع العام للنهضة البركانية المنعقد مؤخرا، عندما كشف أمام المنخرطين نيته في النزول من رئاسة النهضة البركانية، لاعتبارات رياضية وأخلاقية، وعندما لم يترك لمنخرطي فارس البرتقال مجالا لمناقشة قرار كان بالفعل مختوما بالشمع الأحمر، ولكنني أنزع مع حكماء الإعلام الرياضي، إلى قراءة الرسائل والدلالات لهذا القرار الجريء ذي الأبعاد الكثيرة.

بالطبع عندما يجتمع برلمان أي فريق امتثالا للمنصوص عليه في قانون التربية البدنية والرياضة، في جمع عام أيا كانت طبيعته، وتكون الآليات القانونية التي ينص عليها النظام الأساسي، متوفرة وغير منقوصة، فإن هذا الجمع يحصل تلقائيا على صفة السيادية في تقرير مصيره، بالمصادقة من عدمها على ما يستجد عليه من قضايا، وإذا كان هناك بالفعل من عارض أن يأتي فوزي لقجع بشكل فاجأ الجميع، ليعلن تنحيه من رئاسة النهضة البركانية، فإن ذاك الإجراء ما كان ليكون سليما ولا حاملا للصفة القانونية. ومن يعرف جيدا تضاريس فكر لقجع، ثوابته ودرجه تشبعه بالقانون، يدرك جيدا أن الرجل لم يأت بحسب رأيي المتواضع في ما فعل، ببدعة ترميه في جحيم المساءلة أو «تحذفه» في نار التأويل.

ما يهم في هذا الذي حدث، التقصي عن مسببات الحدوث وأيضا عن رسائله المبطنة وعن تداعيات هذا الذي حدث على مشهد كروي وطني لابد وأن نعترف بأنه يعيش على إيقاع ثورة بنيوية عميقة يعلنها فينا قانون التربية البدنية والرياضة بأحكامه وفلسفته ونواهيه. ما جمعني بفوزي لقجع من جلسات، أذكر أنها كلما نزعت للحديث عن النهضة البركانية، إلا وحاول الرجل أن يحدد لنفسه تعريفا خاصا للإنتماء، فهو يعرف أنه كان في الأول رئيسا للنهضة البركانية، مفعما بالآمال لكي يكتسي فريقه شخصية متفردة، ويعرف من اللحظة التي صعد فيها لرئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أنه أصبح رئيسا للكل، مجبولا بل ومدفوعا بالقانون إلى أن يحمي مصالح جميع الأندية بلا استثناء، وفي ذلك كله كان من الضروري أن يكبح جماح الإنتماء القوي للنهضة البركانية، وقد وجدته يقول لي في جلسة تعود إلى ثلاث سنوات خلت: «أعتقد أننا داخل النهضة البركانية وضعنا نموذجا للحكامة، يقوم على التفويض، فليس من المنطقي أن يتجمع مصير النهضة البركانية الحالي والمستقبلي في عباءة الرئيس لوحده، لذلك أنا فخور بوجود شباب جاؤوا ليشتغلوا، وقد فتحت لهم الأبواب وقريبا هم من سيتحملون المسؤولية»، وفي حديثه ما كان يرمز إلى أن في مقدمة هؤلاء الشاب، حكيم بنعبد الله، بدليل أنه تقلد في مرحلة تالية منصب الرئيس المنتدب بالكثير من التفويضات.

بالطبع ليس هناك أي نوع من الإكراه في هذا الذي فعله فوزي لقجع، وهو يطلب من الجمع العام صاحب السيادة المطلقة في صناعة القرارات أن يقبل بتنحيه من الرئاسة ونقل سلطها كاملة للشاب حكيم بنعبد الله، بعد أن اكتملت فترة التمرين، فما أقنعه بالتنحي عن الرئاسة، ثلاثة أمور لا تبتعد في العمق الإستراتيجي عن بعضها البعض..

أولها، حاجة لقجع إلى التفرغ بالكامل لمرحلة حساسة ومصيرية في تاريخ كرة القدم الوطنية..

 ثانيها، أخذ مسافة مقدرة عن الفريق الأم لكي لا يصبح في نوازل كثيرة هو الخصم والحكم، ولا ينعت من طرف المتظلمين في أي من هذه النوازل أنه لا يقف على الحياد..

 ثالثها، أن يمكن الشباب من فرصتهم لإظهار قدراتهم في تدبير النوادي الرياضية، سعيا منه إلى خلق نخب رياضية شابة ومؤهلة للإضطلاع بمهمة إدارة نواد رياضية، ستتجول بإعمال القانون إلى مؤسسات رياضية ذات النفع العام.

صدقا أتمنى أن تكون رسالة فوزي لقجع قد وصلت إلى كل من يوجدون اليوم في معترك التسيير الرياضي، وهم عاضون بالنواجد على أندية رياضية ملكوها ظلما لأنفسهم وذويهم وهي ملك للمدينة كلها، أو ساقطون في حالات التنافي التي يحظرها القانون أو معطلون للتغيير الذي يحتاجه مشهد كروي وطني مخنوق بأدخنة من أسمتهم الرسالة الملكية الموجهة للمناظرة الوطنية حول الرياضة، بالمتطفلين والمرتزقين..  

فهل لقجع خرق القانون بما فعل؟  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لقجع خرق القانون لقجع خرق القانون



GMT 10:25 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدفاع في الريادة

GMT 10:22 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

"وشكون عرف؟"..

GMT 15:07 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

"كلمة حق"..

GMT 13:45 2019 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

منتخبات مجنونة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب

GMT 12:27 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

"بي إم دبليو" تسحب 28 ألف سيارة من الأسواق الروسية

GMT 00:33 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

توقيف أم قتلت ابنتها خنقًا في مدينة مكناس
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca