لماذا نلوم الناصيري وبنشرقي؟

الدار البيضاء اليوم  -

لماذا نلوم الناصيري وبنشرقي

بقلم - بدر الدين الإدريسي

الكثيرون يلومون سعيد الناصيري رئيس الوداد البيضاوي، وقد أكون منهم، على أنه لم يبد مقاومة كبيرة اتجاه الضغوط التي مارسها الهلال السعودي من أجل انتداب أشرف بنشرقي، أو بالأحرى أنه لم يتبت على موقفه السابق والمحمول على درجة عالية من الجزم بأن الوداد ليس على استعداد للتفريط في أشرف بنشرقي الآن على الأقل لوجود مشروع جديد تحتاج فيه الوداد لكل قواها الضاربة، وإن جاز ذلك نهاية الموسم الكروي الحالي، كان حريا بالوداد تفويت نجمها لناد أوروبي مراعاة لمصلحة كرة القدم الوطنية والمنتخب الوطني على وجه التحديد.

واللوم في حد ذاته مشروع، ولا يعترض عليه حتى الناصيري نفسه، إلا أن النقاش بشأن  رحيل أشرف بنشرقي تحت الإكراه أو تحت أي صيغة تريدون، لابد وأن يبتعد عن الشوفينية التي تنتصر للغة العاطفة وتهيج المشاعر وحتى النعرة الشعبيوية.

من يشكك في أنه كان من الأفضل لأشرف بنشرقي ولكرة القدم الوطنية ولأسود الأطلس، أن يتوجه لبطولة أوروبية في هذه المرحلة من عمره الكروي، لأن ذلك سيكسبه شخصية إحترافية وسيدخله بالتدريج لعوالم الإلتزام والإنضباط بل وسيصحح الكثير من الإختلالات الوظيفية الموجودة في أسلوب لعبه، ثم إن اللعب بإحدى البطولات الأوروبية، يطور كثيرًا الجانب المهاري والمخزون البدني ويخلق عند اللاعب القدرة على اللعب في مستويات عالية جدًا.

لن نختلف على أن مسافات كبيرة تفصل الإيقاعات التي تلعب بها بطولاتنا العربية عن الإيقاعات التي تلعب بها البطولات الأوروبية التى تحظى بالمتابعة وبقوة الحضور في أرفع مسابقات النوادي، وأمامنا كثير من الدلائل على أن كثيرا من اللاعبين لم يحققوا رياضيًا أي شيء يذكر باختيارهم اللعب في إحدى البطولات الخليجية، بل إن أغلبهم فوت عليه ذلك فرصة التواجد مع الفريق الوطني، وحتى اللاعبين الذين انتقلوا من أوروبا للخليج العربي، سجل هبوط حاد في مستوياتهم ومن نتيجة ذلك أنهم فقدوا مكانتهم في عرين الأسود، إلا أن ما يحدث مع بنشرقي يفرض علينا إلتماس العذر لسعيد الناصيري وللوداد، فما تكشف عنه الأرقام التي تضمنتها صفقة الإنتقال إلى الهلال السعودي يصيب فعلا بالذهول ويضعنا جميعا أمام حقيقة السومة المالية لنوادينا عندما تقارن ليس بأندية عربية خليجية، ولكن قبلها بأندية عربية إفريقية تحديدا بتونس ومصر، وما علينا إلا أن نعقد على السريع مقارنات بين موازنات الأهلي والزمالك بمصر والترجي والإفريقي ونجم الساحل في تونس لنكتشف هول الفارق الذي يفضح هشاشة البنى المالية لفرقنا.

طيب، لو قبلنا بأن سعيد الناصري كان من الممكن أن يضغط على نفسه ويكون جازما وقاطعا في قرار الرفض لمبدإ مناقشة أي عرض يتعلق برحيل بنشرقي على الأقل لغاية نهاية الموسم الكروي الحالي، من يضمن له أن أشرف نفسه لن يتأثر ذهنيًا بتفويت انتقال للهلال، كان سينقله لمستويات من المستحيل أن يصلها حتى لو لعب في المغرب وللوداد إلى سن الخمسين، بل من المستبعد جدًا أن يصل حتى لنصفها مع فرق أوروربية من التي عبرت عن رغبتها في جلبه.

لو أن الوداد أمعنت في الرفض، إنتصارا لمصلحتها ولمصلحة كرة القدم الوطنية، وأدارت ظهرها لمبلغ مالي يصل إلى 4 مليارات من السنتيمات، هي أشد ما تكون حاجة إليها، هل كان من الممكن أن يقبل أشرف على نفسه، بأن يترك صفقة تضيع عليه، وهي التي ستمكنه من أربعة مليارات إن لم يكن أكثر في الأربع سنوات التي سيمضيها مع الهلال؟

لا يجوز أن نطيل العناد والمشاكسة ونواصل التجني على الناصيري ونزيد في قصف أشرف، بدعوى أنه آثر المال على مسار إحترافي يليق بمواهبه، فالأجدر بنا أن نلوم أنديتنا الكبيرة منها طبعا، والتي تأخرت كثيرا في فهم حتميات الزمن الجديد لكرة القدم والذي يشجع على الإستثمار والتسويق وترويج الصورة للرفع من الإيرادات ولمضاعفة السومة المالية والموازنات الموسمية، المضاعفة القائمة على منطق إقتصادي وليس على هلوسات عابرة، فهذا وحده ما يعطي الأندية المناعة من أجل مقاومة الإغراءات المالية والمحافظة قدر المستطاع على رأسمالها البشري، وأبدا لن تكون الوداد أفضل من برشلونة التي اقتلع نادي باريس سان جيرمان من أضراسها لاعبها البرازيلي نيمار، بأن سدد المبلغ الموجود في شرطه الجزائي ليحلق به من النيو كامب إلى حديقة الأمراء برغم أنف الكاطالونيين. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا نلوم الناصيري وبنشرقي لماذا نلوم الناصيري وبنشرقي



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

GMT 09:43 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

أناقة خبير الرياضيات فيلاني تتغلّب على أزياء ماكرون

GMT 02:38 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أحمد عمور يُعلن خفض ديون "أليانس" للتطوير العقاري

GMT 07:01 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

تعرفي على اتيكيت التقديم وفنونه المختلفة

GMT 09:22 2017 السبت ,28 كانون الثاني / يناير

تعديلات مبهرة في سيارة لامبورغيني "Aventador S"

GMT 07:43 2015 الإثنين ,23 آذار/ مارس

أقراص الكوسا والجبن

GMT 00:05 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تضيء أهرامات الجيزة بالعلمين الفرنسي والروسي

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:23 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

وفاة سائح فرنسي اصطدمت دراجته بحافلة في مراكش

GMT 05:57 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

اندلاع حريق بسوق المتلاشيات في أولاد تيمة

GMT 04:57 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلامية إيمان نبيل تبدي سعادتها بشباب مصر وفكرهم الواعي

GMT 13:48 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

دار "ماكس مارا" تُركّز على صيحة المعاطف الواسعة والضخمة

GMT 21:14 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

دانا فارس تطلق أغنية "تسلم" في "الكريسماس"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca