مطبخ يغلي

الدار البيضاء اليوم  -

مطبخ يغلي

بقلم - المهدي الحداد

تستحق البطولة الإحترافية أن تترشح لجائزة «أوسكار» لأكثر البطولات العالمية إثارة وغزارة بالأحداث، وهي التي لا تعرف بتاتا معنى الملل، ولا تقبل بالسيناريوهات المتشابهة والمتكررة أسبوعيا، سواء داخل أو خارج الملاعب.
من أراد أن يشاهد حدثا في كل أسبوع فليأتي إلى المغرب، وبطولته الكروية التي تحاكي «البوز» المعمول به في شبكات التواصل الإجتماعي وموقع «اليوتوب»، حيث تتساقط الأخبار والأحداث تباعا دون إستئذان، وتتنوع بين الفضائح والكوارث والقرارات العجيبة، والوقائع المحزنة والمهيجة للسخط.
بطولتنا كطنجرة ضغط تغلي، في كل مرة بغذاء مختلف وتوابل جديدة، لكن دائما فوق نفس النار الهائجة، وبالصوت المزعج ذاته الذي يكسر هدوء البيت ويشوش على أصحابه، وقد يصل صداه إلى الجيران.
الرأي العام المغربي بات يتغذى على الفضائح وحتى التفاهات، والإعلام الرياضي أصبح بدوره يزيغ عن مواكبة التباري والنتائج والمباريات، ويناقش قاصدا أو مضطرا ما يقع في بعض الجوانب المتعفنة للساحة الكروية، والتي تضر بصورة كرة القدم المغربية وسمعتها خارجيا، وهي التي تحاول الإنتقال من الهشاشة والهواية إلى النمو، والنضج المبتدئ الذي يقود لاحقا إلى الإحتراف الحقيقي.
الموسم الحالي وما إن يطوي صفحة زوبعة ما، حتى يفتح سجالا آخرا في أمور جانبية كان من المفترض أن لا تُناقش أصلا، من قبيل الشغب والفوضى، همجية بعض الجماهير، الإتهامات بالسمسرة والرشاوى بين المسؤولين والمدربين واللاعبين، تهديدات بالقتل من قبل فئة متعصبة من الأنصار، البيانات الإستنكارية والتطاحنات بين بعض الأندية والمنابر الإعلامية، تراشق وسب علني بين الأطر والتقنيين، قتلى وجرحى في صفوف مشجعين بالطرقات وفي الملاعب، إستنفارات أمنية بالجملة ومدن تعيش حالة الطوارئ، إعتقالات وعائلات تتشرد وتنذب الويلات، مجازر تحكيمية أسبوعية، إغلاق متكرر وغير مفهوم للملاعب بسبب الصيانة، برمجة سيئة إستثنائية وفريدة عالميا، عشرات الإقالات للمدربين في ظرف وجيز، قمم كروية تحت سقف الويلكو بلا حلاوة ولا ملح، والكثير الكثير من الأحداث والوقائع البعيدة عن المبادئ والروح والقيم الرياضية، والمنظومة الإحترافية التي تحاول تطويرها المؤسسة الساهرة على تدبير شؤون اللعبة.
نحن في سنة 2019 وللأسف ما تزال أحداث التسعينيات والثمانينيات من القرن الماضي تتكرر، بل ووُلدت ظواهر جديدة مقيتة، وعوض أن نناقش الأفكار والمشاريع والإستراتيجيات، نعود لمناقشة المشاكل المُتجاوزة والساذجة، والتي عجزنا عن حلها، وقفزنا جدارها دون أن نسقطه، لنفتح الباب للحديث عن «فار» وتنظيم كأس العالم وخلق شركات رياضية وغيرها من نقاط لا يناقشها إلا من توغلوا جيدا في مربع التطور والإحتراف.
بطولتنا في موسمها «الإحترافي» الثامن تواليا ولم يتغير فيها الشيء الكثير، بإستثناء البنيات التحتية والمكافآت المالية وبعض الإنجازات الفردية الخارجية، أما داخليا فالمطبخ يغلي والطهاة بنفس العقلية، والوصفات تقليدية كلاسيكية غالبا ما تحترق بسوء نية أو تقدير في المقادير، والإعلام يسيء الظن ويخطئ التعامل فيصب الزيت على النار، ليختلط الحابل بالنابل ويكثر الضحايا، والكل يصيح ويطلب النجدة، لكن دون إستجابة ولا تدخل، لأنه لا إطفائي له القدرة على إخماد حريق البطولة المغربية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مطبخ يغلي مطبخ يغلي



GMT 10:25 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدفاع في الريادة

GMT 10:22 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

"وشكون عرف؟"..

GMT 15:07 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

"كلمة حق"..

GMT 13:45 2019 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

منتخبات مجنونة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca