حول نشر أسماء المشتبه فيهم في استعمال المال خلال انتخابات مجلس المستشارين؟

الدار البيضاء اليوم  -

حول نشر أسماء المشتبه فيهم في استعمال المال خلال انتخابات مجلس المستشارين

خالد الشرقاوي السموني

أفاد بلاغ للجنة الحكومية لتتبع الانتخابات صادر بتاريخ 04 أكتوبر 2015، والتي يرئسها كل من مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، ومحمد حصاد، وزير الداخلية، ، بأن هناك اشتباه في استعمال المال لاستمالة الناخبين خلال انتخابات مجلس المستشارين من قبل بعض السياسيين، وبلغ عدد الأشخاص الذين تمت متابعتهم أمام قضاء التحقيق في مختلف المحاكم 26 شخصًا، من بينهم 14 مترشحًا لهذه الانتخابات، أعلن عن فوز 10 منهم في مقاعد مجلس المستشارين.
هذا مع العلم أن اللجنة المذكورة تلقت تعليمات من جهات عليا من أجل فتح تحقيق عاجل في شأن استعمال المال الحرام في انتخاب الغرفة الثانية، كما أن نشر أسماء المتابعين لم يتم إلا بعد التأشير عليه من لدن تلك الجهات، التي أعطت كذلك أوامر صارمة من أجل محاسبة جميع المتورطين في تقديم أي شكل من أشكال الرشاوي.
هذا البلاغ الحكومي خلق زلزالًا في بعض الأحزاب السياسية، خصوصًا عندما نُشر أسماء المشتبه فيهم، وهي سابقة شجاعة وجريئة من نوعها، محفوفة بالمخاطر بطبيعة الحال ، في دولة مازالت السلطة السياسية تؤثر على السلطة القضائية، لدرجة أن هناك بعض محاميي الأحزاب اعتبروا  نشر أسماء المتهمين خرقًا سافرًا للقانون، لاسيما لمبدأ قرينة البراءة.
وفي رأينا أن بلاغ اللجنة قرار شجاع وليس فيه ما يخالف القانون وينسجم مع مبادئ الدستور وحقوق الإنسان، وسنشرح ذلك بشكل مقتضب فيما يلي :
لقد أقرّ المشرّع المغربي قرينة البراءة لضمان أمن الأشخاص وحماية حريّاتهم الفردية، فالمشتبه فيه أو المتهم الذي يستفيد من مبدأ قرينة البراءة يتعين أن يخضع لنظام مشابه لذلك الذي يستفيد منه الشخص العادي، وبالتالي فلا يجب حرمانه من حريته خلال سريان البحث والتحقيق والمحاكمة الجنائية، وهذه الضمانة موجودة لحد الآن، حيث لم يتم توقيف أي شخص مشتبه فيه أو حرمانه من حريته.
كما أن قرينة البراءة أقرّها المشرع لمواجهة كل اتهام كاذب، هذا مع العلم أن السلطات القضائية المختصة باشرت التحقيق المسبق عن طريق التصنت على المكالمات الهاتفية، وتبيّن لها أن طبيعة تلك المكالمات تشكّل جريمة وفقًا للقانون الجنائي، فضلًا عن ذلك، فقد أخذ المشرّع المغربي كغيره من التشريعات المعاصرة بمبدأ افتراض البراءة بالنسبة لكل متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة، مستعملًا لأول مرة عبارة "مشتبه فيه"، وهو الشخص الذي يكون محل شبهة بارتكاب جريمة.
وإذا رجعنا إلى العبارات التي استعملها بلاغ اللجنة الحكومية لتتبع الانتخابات نجد عبارة "اشتباه في استعمال المال لاستمالة الناخبين خلال انتخابات مجلس المستشارين"، وهي عبارة لا تفيد الحكم على الشخص بتورطه، وإنما يشتبه فيه، علمًا بأن قضاة التحقيق سيقومون بتحقيق معمق لإقرار المتابعة من عدمها بناء على الأدلة والحجج الدامغة.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن وزير العدل بصفته رئيسًا للنيابة العامة من حقه أن يخبر الرأي العام بنتائج الأبحاث التي أجريت بشأن الشبهات في استعمال المال في انتخابات مجلس المستشارين، خصوصًا وإن مثل هذه الأفعال تشكّل إساءة إلى الإرادة الشعبية وتشويه للإرادة العامة للمغاربة، وبالتالي وجب محاكمة قضائية لكل من ثبت تورطه في تغيير هذه الإرادة، وأيضًا محاكمة سياسية للأحزاب التي ينتمون لها هؤلاء العابثين بإرادة الشعب.
 
فلا يمكن السكوت عن عمليات أفسدت المشهد السياسي، وأن كل الأصوات التي تتعالى ضد نشر أسماء المشتبه فيهم نعتبرها نوعًا من التأثير غير المباشر على عمل السلطة القضائية، التي ينبغي أن تقوم بواجبها باستقلال تام وبنزاهة وموضوعية.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول نشر أسماء المشتبه فيهم في استعمال المال خلال انتخابات مجلس المستشارين حول نشر أسماء المشتبه فيهم في استعمال المال خلال انتخابات مجلس المستشارين



GMT 01:00 2022 الإثنين ,14 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 11:30 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 21:38 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 07:46 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مزوار: اذكروا أمواتكم بخير !

GMT 00:19 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

اليمن والحاجة لإعادة إعمار القيم

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca