هل بمقدور الرئيس الأميركي إقبار الاتفاق النووي مع إيران؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل بمقدور الرئيس الأميركي إقبار الاتفاق النووي مع إيران

بقلم : صلاح الدين أركيبي

لا أحد يستطيع تجاهل الوتيرة السريعة التي يعمل بها الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، لتنفيذ وعوده الانتخابية المثيرة للجدل؛ فأبرز القرارات التي اتخذها، حتى الآن، بعد 20 يومًا من تعيينه، تتمثل في تقليصه قانون الرعاية الصحية، أو ما يعرف بـ"أوباما كير" تمهيدًا لإلغائه، وإعلانه عن "قانون حماية الأمة"، الذي يقضي بمنع مواطني سبع دول من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، وهي إيران، سورية، العراق، السودان، اليمن، ليبيا، والصومال، ثم توقيعه مرسومًا يقضي بإنشاء جدار عازل مع المكسيك.

لا شك أن سرعة تنفيد "ترامب" لوعوده تعطينا انطباعًا بأنه يعمل وفق استراتيجية مدروسة ومخطط لها، يحاول بلورتها على أرض الواقع، إلا أن تضارب تصريحات المسؤولين الأميركيين بخصوص القرارات الجديدة للرئيس تطرح أكثر من علامة استفهام، وتعطينا كذلك انطباعًا بغياب التنسيق بين صقور الإدارة الأميركية الجديدة.

ومع أن قرارات "ترامب" لاقت انتقادات شديدة على مستوى الداخل والخارج، وتلويحًا باللجوء إلى القضاء ضدها، إلا أن الرئيس الأميركي، على ما يبدو، سيمضي في تنفيد وعوده، التي لم يتبق منها سوى اقبار الاتفاق النووي مع ايران، وعدٌ تمني إسرائيل النفس بتحققه، ومعها بعض دول الخليج، والذين يرون فيها تهديدًا لأمنهم القومي.

وتشمل البنود الرئيسية في الاتفاق النووي مع إيران تقييد برنامجها النووي على المدى الطويل، مع وضع حد لتخصيب اليورانيوم، لا يتجاوز عتبة 3.67 %، وتحويل مفاعل "فوردو"، وهو المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم، إلى مركز لأبحاث الفيزياء والتكنولوجيا النووية، وخفض عدد أجهزة الطرد المركزي بمقدار الثلثين، إلى 5060 جهازًا فقط، والسماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكل المواقع الإيرانية المشتبه فيها، ويشمل ذلك مواقع عسكرية، يتم الوصول إليها بالتنسيق مع الحكومة الإيرانية، بالإضافة إلى امتناع إيران عن بناء مفاعلات تعمل بالماء الثقيل، والتزامها بعدم نقل المعدات من منشأة نووية إلى أخرى، لمدة 15 عامًا، مع حظر استيراد أجزاء يمكن استخدامها في برنامج إيران للصورايخ الباليستية، لمدة ثمان سنوات، كما يحظر عليها استيراد الأسلحة لمدة خمس سنوات.

 وستحصل إيران في المقابل على رفع للعقوبات الدولية المفروضة عليها بشكل تدريجي، بالتزامن مع وفاء طهران بالتزاماتها، كما ستتمكن من معاودة تصدير النفط بكامل طاقتها الإنتاجية، كما ينص الاتفاق أيضًا على التعاون بين الدول الكبرى وإيران في مجالات الطاقة والتكنولوجيا.

صراحة من المبكر الجزم بإمكانية إقبار هذا الاتفاق، لأنه قرار ليس من السهل تنفيذه، وليس في يد الولايات المتحدة الأميركية وحدها، إذ سيضع الرئيس الأميركي في مواجهة مع حلفائه من الدول الغربية، والدول الراعية للاتفاق، والذين جرتهم الولايات المتحدة، في وقت سابق، إلى توقيعه، بعد مسلسل طويل من المفاوضات مع طهران، فدول مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا والصين والبرازيل والهند واليابان وكوريا الجنوبية سترى ذلك إخلالاً من الولايات المتحدة بالتزاماتها، ونوعًا من العمل الخارج عن القانون الدولي، وسيعارضونه بشدة.

إن وعد "ترامب" بتمزيق الاتفاق النووي مع إيران وعد مبالغ فيه، فكيف يمكن للإدارة الأميركية إقبار اتفاق وقعت عليه مجموعة من الدول العظمى، وشهدت عليه كبرى دول العالم؟

فبمقدور الولايات المتحدة الأميركية الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، فذلك شأنها الداخلي، إلا أن انسحابها لا يعني إقبار هذا الاتفاق الدولي، الذي وقعته العديد من الأطراف. ولهذا لن تجد الإدارة الأميركية الجديدة خيارًا آخر، في تعاملها مع الملف النووي الإيراني، سوى تشديد الخناق على طهران، وذلك بفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية عليها، إلى حين اتضاح سقف الخيارات المطروحة أمامها، في قادم الأيام، بما فيها خيار اللجوء إلى الحرب، والذي لن يكون من السهل عليها اتخاذه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل بمقدور الرئيس الأميركي إقبار الاتفاق النووي مع إيران هل بمقدور الرئيس الأميركي إقبار الاتفاق النووي مع إيران



GMT 01:00 2022 الإثنين ,14 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 11:30 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 21:38 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 07:46 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مزوار: اذكروا أمواتكم بخير !

GMT 00:19 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

اليمن والحاجة لإعادة إعمار القيم

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca