أول خيوط التفجير.. "تكفير"

الدار البيضاء اليوم  -

أول خيوط التفجير تكفير

بقلم : مينا جرجس

يكفّر- كفّر- تكفيرًا / يفجّر- فجّر- تفجيرًا.. كلمات بينها سجع وجناس ناقص، يربطها حروفٌ متشابهة، ولكن يربطها رابطٌ أكبر وهو المقدمات التي تؤدي إلى نتائج.. الدوافع التي تؤدي إلى تصرفات وسلوك وأفعال وانفعالات.

مؤخرًا، أصبحت قضية التكفير في مصر هي النغمة الأكثر انتشارًا، بعدما تتابعت التصريحات والحوارات واللقاءات التليفزيونية، التي يخرج من خلالها دعاة فتنة، لا يرغبون في هدوء الأوضاع في مصر، لا ينظرون لمكارم الأخلاق ولا القيم التي يجب زرعها في المجتمع كي يتقدم، ولكنهم يركّزون اهتمامهم على تكفير الآخر، وتحديد ما إذا كان سيدخل الجنة أم لا؛ وكأنهم يمتلكون مفاتيحها، وهو أمر مرفوض لأن غيب السماوات في يد الله وحده.

الأغرب والأسوأ من ذلك، أن يخرج علينا إعلاميون وصحافيون – من المفترض أنهم مثقفو الأمة- ليبررون ما يحدث بأنه ليس وقته ولا مكانه – أي أمام الشاشات- وكأن ذلك أمرًا مباحًا داخل باحات المساجد أو في أي وقت آخر غير الآن، وهو "عذر أقبح من ذنب"، فلو نظرنا لبعض من دول شرق آسيا، سواء أكانت إسلامية أو غير ذلك، سنجد عشرات، بل مئات، بل آلاف العبادات ما بين سماوية وغير سماوية، ولا نسمع يومًا قط عن حدث طائفي وقع، أو عن مهاترات تكفيرية تحدث، ولكن نجد – فقط- تعايش سلمي وآمن بين أبناء الوطن الواحد.

أعجبني موقف وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، بوقف دعاة التكفير عن الخطابة ومنعهم من صعود المنابر، وتأكيده على عدم السماح بانتشار الفكر التكفيري الذي يشيع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وما تبعه من تصريح لمجلس الوزراء المصري بتأييده لموقف وزارة الأوقاف، فهذا ما نأمله ونتمنى سيادته على مختلف المستويات، ونتمنى أن يعقبه موقف حاسم من الأزهر الشريف تجاه العقليات المنغلقة المتطرفة، التي تختبئ خلف العمة والجبة والقفطان، ولكنها من الداخل قنابل موقوتة جاهزة للانفجار في أي وقت.

نفس الأمر أخاطب به المسيحيين في مصر؛ فبالرغم من دعوة المسيحية للتسامح حتى مع من أساء إليها، إلا أن هناك بعض العقليات المتطرفة أيضًا، التي تبث روح الفتنة، وتحشد العقول والقلوب نحو أهداف غير وطنية، وتحرّض ضد أبناء الوطن الواحد، مستغلة إساءة قلة متطرفة إلى المسيحية.

للأسف، الوضع الحالي من تكفير مستمر، بدأ في عهد الرئيس السادات، واستمر بشكل متقطع في عهد مبارك، وبلغ ذروته منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني، مع صعود التيارات السلفية والإخوانية إلى سدة الحكم وتصدرهم للمشهد في مصر، وللأسف لم تتمكن الدولة من وقفه بعد سقوطهم، لأنهم ما إن سقطوا عن الحكم، استبدلوا التكفير بالتفجير، والأفكار المعلنة بقنابل وأحزمة ناسفة، فحذار من انفجار قنبلة موقوتة اسمها "التكفير".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أول خيوط التفجير تكفير أول خيوط التفجير تكفير



GMT 01:00 2022 الإثنين ,14 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 11:30 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 21:38 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 07:46 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مزوار: اذكروا أمواتكم بخير !

GMT 00:19 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

اليمن والحاجة لإعادة إعمار القيم

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca