آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

اكتشاف آثار مجتمع يهودي في قرية أمازيغية جنوب المغرب

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - اكتشاف آثار مجتمع يهودي في قرية أمازيغية جنوب المغرب

آثار مغربية
الرباط ـ الدارالبيضاء اليوم

خلال عملية إنقاذ كنيس يهودي مُتضرّر نتيجة الفيضانات الأخيرة في قرية "تمنّارت" جنوبي المغرب، اكتشف باحثون مغاربة وإسرائيليين وفرنسيين مؤخرا بقايا مجتمع يهودي مغربي يعود لقرون.وتقع القرية في جبال الأطلس الصغير، وهي تابعة ترابيا لإقليم طاطا ضمن جهة سوس ماسة بالمملكة المغربية، ويتحدث ساكنتها أمازيغية تشلحيت.

وتعكس هذه الاكتشافات الأثرية؛ وهي لقى ووثائق مكتوبة بالعبرية، معيش اليهود المغاربة بمنطقة يغلب عليها الطابع الجبلي الأمازيغي، وتعايشهم مع المسلمين قبل ما يزيد عن خمسة قرون.

وثائق وتمائم وترميم

ويؤكد محافظ التراث الثقافي بجهة سوس ماسة، العربي بروان، أنه في إطار "تدخل فريق مغربي بشراكة مع أساتذة من جامعة بن غوريون الإسرائيلية لإنقاذ كنيس تمنّارت الذي كان في حالة جد متردية، عثر على عدد كثير من الوثائق أغلبها مكتوبة بالعبرية".

وأوضح محافظ التراث الثقافي بسوس، في تصريحه  أن هذه الوثائق التراثية "تتضمن بشكل أساسي عقود شراء وعقود زواج، إلى جانب وثائق دينية وبعض التمائم".

وقال المصدر نفسه: "من خلال مختبر لمعالجة الأرشيف في عين المكان، تمكنا من حفظ البعض من هذه الوثائق التي تضررت جراء الأمطار التي عرفتها المنطقة، فيما يُرَمّم الكنيس على يد المهندسة المعمارية سليمة الناجي".

وتابع المسؤول بوزارة الثقافة، أن "الوزارة اشترطت على الفريق أن يُحتفظ بهذه الوثائق كتراث وطني، وهي توجد كلها بمقر مديرية الثقافة بمدينة أكادير".

أصالة المكوّن العربي وقدمه

ويرى الباحث في التاريخ اليهودي المغربي، رشيد دوناس، أن أهمية الاكتشاف الأخير، "ينبع من كونه يؤكد على قدم التواجد العبري ببلاد المغرب في فترة لاحقة، وهي حقيقة تاريخية يؤكدها كل الباحثين ذوي الصلة بهذا الموضوع".

في حديثهيقول دوناس: "الجماعة اليهودية تجذرت في هذه البقعة من العالم؛ ونعني بذلك اليهود التوشابيم، أي اليهود البلديين وهي الجماعة اليهودية المحلية، التي طعمت بقدوم يهود الأندلس أي اليهود الماغوراشيم، وهي الجماعة اليهودية التي نزحت من شبه الجزيرة الإيبيرية، بعد رحيلهم خلال وبعد سقوط الاندلس إثر تعرضهم للاضطهاد".

لكن الباحث في التاريخ اليهودي المغربي، ينبه إلى أنه في "إشكالية تأصيل التواجد اليهودي بالمغرب، يجب أن يدرس أكاديميا عبر مناهج العلوم الإنسانية، وبدون خلفية إيديولوجية، وبدون مزايدات سياسية، وهو ما سيسمح لنا بالحصول على أجوبة موضوعية، تفيدنا في إعادة بناء ذاكرتنا الجماعية المشتركة".

ويعتقد المتحدث ذاته، أن اليهود والأمازيغ في المغرب "شكلا منذ تاريخ موغل في القدم مكونا أصيلا من مكونات الشخصية المغربية، وهو ما يفسر التشابه والتماثل الحاصل في العديد من الطقوس والعادات الحضارية المشتركة، النابعة من التثاقف بين الطرفين سوسيو-ثقافيا منذ قرون، بشكل يؤكد توفر مناخ الاعتراف بالآخر والتعايش معه".

وهذا التعايش الفريد من نوعه، "اغتنى أيضا بتعاقب العديد من المكونات الحضارية على بلاد المغرب (المنحدرة من المجال المتوسطي بكل غناه وتنوعه)، وهو ما يعني أن الثقافة الأمازيغية كانت دائما ثقافة منفتحة، وغير منغلقة على ذاتها على الدوام"، يردف دوناس.

تمنّارت واحة التعايش

ويذكر الدارسون للتاريخ الاجتماعي لمنطقة الأطلس الصغير، أن واحة تمنّارت كانت تحتضن واحدة من أكبر ساكنة اليهود وأعرقها في المغرب؛ باعتبار المنطقة كانت ملتقى للتجارة الصحراوية.

يعتبر الباحث في التاريخ الاجتماعي لمنطقة الأطلس الصغير، الحسن تيكبدار، أن "يهود تمنّارت يدخلون مع المسلمين الأمازيغ في علاقات يومية مختلفة، يطبعها في غالب الأحيان طابع تجاري وهي علاقة متبادلة وتتميز بنوع من البراغماتية؛ فاليهود والمسلمون في مختلف القبائل يخضعون لأعلى سلطة في القبيلة والتي تتمثل في شخص أمغار، إذ تسود بينهم وبين هذا الأخير علاقات حميمة وطيبة ويلجؤون إليه في أي وقت أحسوا فيه بظلم من أي طرف كيفما كان".

يحكي الباحث في التاريخ الاجتماعي للمنطقة، أن "الرواية الشفوية المستقاة من جل المُسنّين الذين عايشوا يهود تمنّارت، تخبرنا أن الساكنة المحلية دخلت في علاقة شراكة مزدوجة مبنية على الربح، فقد كان يشترك مردخاي اليهودي مع مبارك المسلم بقرة حلوبا ليرعاها بالعلق مقابل النصف من الأرباح وقت بيعها".

على المستوى الثقافي واللغوي، "كانت العائلات اليهودية بتمنّارت تتحدث بلغتها الأم تشلحيت إلى جانب العبرية، بل لا زال بعض المسلمين المحليين إلى الآن يحتفظون في ذاكرتهم بمجموعة من المفردات العبرية"، يبين نفس المصدر.

وأضاف تيكبدار، أن "هناك تفاعلا بين اليهود والمسلمين بتمنارت عبر العادات والتقاليد والطقوس المستعملة في الزوايا والأضرحة الموجودة غير بعيد عن التجمعات اليهودية، ويشارك اليهود المسلمين تقديس بعض الأضرحة وأحيانا يتبركون بنفس الصلحاء أو يحجون إلى مزارات مشتركة"

قد يهمك أيضا

"الآثار" المصرية تُعلن أهمّ الاكتشافات الأثرية خلال عام 2018

 

تقنيات التنقيب الجديدة تجعل 2018 عام "الاكتشافات الاستثنائية" للآثار في مصر

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اكتشاف آثار مجتمع يهودي في قرية أمازيغية جنوب المغرب اكتشاف آثار مجتمع يهودي في قرية أمازيغية جنوب المغرب



GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca