مسألة القهر البيروقراطى

الدار البيضاء اليوم  -

مسألة القهر البيروقراطى

عماد الدين أديب

 

نحن أكثر نخبة سياسية فى العالم تبرر وتفسر كل شىء على أنه سياسى!

فى كثير من الأحيان تكون المشكلة سوء إدارة أو ضعف أداء أو نقص كفاءة.

أزمة جماعة الإخوان الكبرى كانت قلة خبرة بالحكم، وجهلاً بأصول الإدارة السياسية وندرة الكفاءات السياسية والاقتصادية القادرة على إدارة شئون البلاد والعباد.

تعالوا نتأمل مجموعة من الأخطاء التاريخية التقليدية التى نقع فيها بصرف النظر عن طبيعة النظام أو الاتجاه السياسى لمن يحكم.

مثلاً نحن أسوأ من ينظم مؤتمراً أو حفلاً أو مناسبة وطنية.

نحن أسوأ من ينظم ضغطاً جماعياً على مطار أو ميناء نتيجة ظرف طارئ أو موسم سفر أو حج أو عمرة.

نحن أسوأ من ينظم مخارج أو مداخل لمجمع كبير أو استاد كرة قدم. نحن أصحاب أعقد وأصعب نظام ورقى أو مستندات للحصول على تصريح أو ترخيص بالعمل أو البيع أو الشراء.

نحن الدولة الوحيدة فى العالم التى تطالب بتوقيع اثنين من الموظفين لإثبات وجود صاحب الوثيقة على قيد الحياة.

نحن أصحاب أعقد نظام انتخابى يتفاخر سواء فى حجم الأوراق المطلوبة أو فى الإجراءات المصاحبة لعملية الترشح.

كل شىء صعب ومعقد فى حياة المواطن، بدءاً من استخراج شهادة ميلاد إلى عمل بطاقة شخصية إلى استمارات أوراق التجنيد إلى شهادات المؤهل العالى إلى فتح حساب فى البنك إلى عمل رخصة سيارة وصولاً لإجراءات تسجيل منزل أو شهادة وفاة!

يعيش المواطن المصرى من ميلاده حتى وفاته وهو أسير لنظام بيروقراطى صارم يعانى منه ليل نهار ولا يعرف أى وسيلة للفكاك مِن قيوده غير الفساد والرشوة من أجل «تسليك» الأمور! ذلك كله يؤكد نظرية بالغة الأهمية وهى أن الإنسان فى مصر لا يعانى من قهر الأمن كما يعتقد البعض، لكنه يعانى بالدرجة الأولى من تهم البيروقراطية.

قهر النظام البيروقراطى هو عنصر «النكد» الرئيسى الذى يحول حياة المصريين إلى شبه مستحيلة، وهو السبب الرئيسى لهجرة الشباب إلى أقصى بلاد العالم، وهو الدافع الرئيسى للهجرة غير الشرعية للهروب من جنون تعقيدات الحياة والعمل فى هذا البلد.

أى إصلاح حقيقى وأى ثورة إيجابية فى مصر لا يمكن لها أن تنجح إلا حينما تتغلب على نظام القهر البيروقراطى لواحدة من أقدم البيروقراطيات فى العالم منذ عهد الفرعون الأول حتى تاريخه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسألة القهر البيروقراطى مسألة القهر البيروقراطى



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 05:41 2015 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

صور لبومة تشبه مارلين مونرو عندما تفرّق ريشها بسبب العواصف

GMT 12:31 2015 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

7 مناورات مشتركة للقوات البرية الروسية في 2016

GMT 12:14 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

بدء أعمال المنتدى الدولي للطاقة في الجزائر

GMT 02:16 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فرحة عارمة تعم شوارع المغرب بعد فوز فريق الوداد البيضاوي

GMT 17:52 2016 الجمعة ,15 إبريل / نيسان

المجوهرات دليل على حب الرجل للمرأة

GMT 19:26 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

"إلعب إلعب" أغنية سناء محمد الجديدة على يوتيوب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca