الديمقراطية اللبنانية جدا!

الدار البيضاء اليوم  -

الديمقراطية اللبنانية جدا

عماد الدين أديب

إلى أي حد يستطيع وزير خارجية أي دولة أن تكون له رؤيته الشخصية التي تؤثر على شكل ومسار السياسة الخارجية لبلاده. في هذا المجال اختلفت الآراء؛ البعض يرى أن وزير الخارجية في أي بلد هو عميد الدبلوماسية لبلاده وهو منفذ دقيق وراع أمين لشؤون ومبادئ الأمن القومي وثوابت السياسة الخارجية لبلاده. وهناك - أيضا - رأي مضاد يقول إن وزير الخارجية ليس «روبوت».. أي إنسان آلي يتلقى التعليمات العليا وينفذها دون وعي ولا رؤية ولا تأثير شخصي. وهناك رأي ثالث يقول إن وزير الخارجية ينفذ المبادئ العامة لسياسات بلاده كما جاءت في الدساتير وكما توافق عليها البرلمان ولكن مع ضرورة إعطاء مساحة ومرونة لدور الخبراء والمساعدين ولرؤيته الميدانية في التعامل مع الملفات. الشيء الوحيد الذي اتفق عليه الجميع، شرقا وغربا، قديما وحديثا، هو أن وزير الخارجية لا يستطيع، ولا يجرؤ، ولا يحق له، ولا يمكنه أن يصرح أو يفعل أو يوقع على أي موقف خارج عن مبادئ الدستور أو التوافق الوطني أو السياسات الثابتة في الأمن القومي للبلاد. هذه الإشكالية برزت بقوة بسبب تصريحات وزير خارجية لبنان، الأستاذ عدنان منصور، في اللقاء الأخير لوزراء خارجية الدول العربية لبحث سحب مقعد الجامعة من النظام الرسمي السوري. جاء في تصريحات معالي الوزير ما يخالف الموقف المعلن لرئيس الوزراء والبيان الحكومي الخاص بالسياسة المعتمدة للبنان منذ تعاظم الأحداث في سوريا، والمعروفة باسم «النأي بالنفس»، وهي نوع من الحياد بين أطراف القتال الدائر في سوريا حتى لا يتمزق لبنان كنتيجة تابعة لما يحدث في سوريا. وما يحدث الآن من جدل في بيروت منذ عودة وزير الخارجية اللبناني من القاهرة والهجوم الشرس على تصريحاته التي عبرت عن موقفه الشخصي المساند لسوريا النظام، يعيد طرح أحقية الوزير - وهنا نتحدث عن أي وزير - في اختطاف سياسة بلاده في اتجاهات شخصية أو معبرة عن قناعاته الخاصة أو مصالحه السياسية. كنت أفضل أن يقوم وزير خارجية لبنان بتقديم استقالته احتجاجا على سياسة الحكومة اللبنانية غير المؤيدة للنظام السوري بشكل كاف. كنت أتمنى أن يخرج علينا الوزير باستقالة مسببة يحدد فيها رؤيته الشخصية لما يجب أن تكون عليه السياسة الخارجية للبنان في ظل الأزمة السورية وتداعياتها. الأمر المذهل أن الوزير يفكر بطريقة مخالفة للموقف المعلن للحكومة، والمذهل أكثر أنه لم يتقدم باستقالته، والمذهل أكثر وأكثر أنه لم تتم إقالته لمخالفته السياسية وخروجه عن السياسات الرسمية المعلنة للبلاد. فعلا لبنان هو أكثر دول العالم حرية؛ لأن الجميع، بما فيه الوزراء، يفعل ما يريد دون حساب! نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الديمقراطية اللبنانية جدا الديمقراطية اللبنانية جدا



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca