العرب يملأون الفراغ بالفراغ

الدار البيضاء اليوم  -

العرب يملأون الفراغ بالفراغ

بقلم - عماد الدين أديب

قرر العالم العربى أن يملأ عقله السياسى، ويبنى قراراته وحساباته على «الفراغ».

من الحقائق العلمية أن الكتلة تكره الفراغ، وأن أى فراغ لم تملأه أنت، فسوف يملأه غيرك بالقدر والطريقة والاتجاه والأهداف التى يريدها هو.

والتعريف العلمى الدقيق للفراغ هو:

«أن الفراغ فى الفيزياء هو حيز من الفضاء فارغ من المادة، ويعتبر ضغطه أقل بكثير من الضغط الجوى».

وحتى الآن لم يثبت فى علم الفيزياء أن هناك -علمياً- ما يمكن أن يطلق عليه الفراغ الكامل.

فى السياسة، وتحديداً فى السياسة العربية، قررنا أن نطلق العنان لترك الأمور للفراغ تحت إيمان كامل بمنطق سلبى سائد، يقول: «دع الأمور كما هى، والأحداث سوف تقوم بتدبير نفسها بنفسها».

وبعض الناس يخطئون خطأً جسيماً فى تفسير بعض الآيات القرآنية.

ونعم بالله سبحانه وتعالى، هو القادر، المدبر الأعظم لكل شىء، وكل الكائنات، وكل الأفعال، ولكن هناك، دائماً مسئولية للبشر عما يفعلونه وعما يجب أن يفعلوه وإلا لما كان هناك حساب وعقاب وجنة ونار فى الدار الباقية.

هذه الديباجة تهدف إلى إثبات الفشل المطلق لسياسات اعتماد الفراغ كمبدأ راسخ فى سياساتنا العربية.

الجميع فى هذا العالم يتحركون بمشروعات خيّرة أو شريرة، ذكية أو غبية، سلبية أو إيجابية، ناجحة أو فاشلة، لكنها فى النهاية سياسات واضحة من لحم ودم، لها أهداف وأدوات وخطط وجدول زمنى وتكاليف ومتابعات وتقييمات.

الأمريكى، الروسى، التركى، الإيرانى، الإسرائيلى له خطط نظرية وعملية، معلنة وسرية، تطبق ويتم متابعتها يوماً بيوم.

جميعهم لهم خطط، نتفق أو نختلف معها، معنا أو ضدنا، نعرفها أو لا نعرفها، لكنها فى النهاية سياسات فعلية، والأهم هى ليست فراغات وثقوباً فى ملفات المنطقة.

وحدهم العرب، يعشقون الفراغ، ويتركونه أهم جنرال يحارب لهم حروبهم.

الفراغ، يورث العدم، ويشجع السفهاء والأعداء والأشرار على ملء مكانه بسياسات معادية فى ذات الوقت الذى يذهب فيه البعض هنا فى غيبوبة طوعية.

الفراغ فى سوريا أدخل الروسى، والإيرانى، والتركى والميليشيات و88 تنظيماً إرهابياً تكفيرياً.

الفراغ فى فلسطين أضاع أكثر من ثلثى الأراضى الفلسطينية تحت يد الاحتلال الإسرائيلى وسمح بتحويل القدس إلى عاصمة للدولة العبرية.

الفراغ فى العراق حوّل عاصمة الرشيد ومهد الخلافة إلى منطقة نفوذ إيرانى.

الفراغ فى ليبيا، جعل منها ساحة مصالح تركية، قطرية، إيطالية، ألمانية، فرنسية تبيع وتشترى فى ميليشيات ونفط وسمسرة سلاح.

الفراغ فى لبنان تركه نهباً للمجهول، وللحكومة التى جاءت من اللاتوافق الذى ينذر باللادولة.

لم يراهن أحد على الفراغ ونجح، لذلك كله نقول: السلبية كارثة الكوارث، والتزام موقف المشاهد العاجز هو أحد الأسباب الجوهرية فى انهيار الأمم وضياع الممالك وسقوط الحضارات.

الحركة بركة، والحركة الواعية هى طوق النجاة، والتشخيص الصحيح للمرض هو أهم عناصر العلاج الشافى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب يملأون الفراغ بالفراغ العرب يملأون الفراغ بالفراغ



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca