قبل أن نحاسب على الفساد

الدار البيضاء اليوم  -

قبل أن نحاسب على الفساد

بقلم : عماد الدين أديب

أكثر من يشعر بصعوبة شهر رمضان هو الموظف الذى يتقاضى راتباً ثابتاً، بينما تكاليف الحياة فى هذا الشهر تتضاعف عدة مرات.

رمضان فى حياتنا ليس شهراً للزهد فى أسلوب الحياة، لكنه يتحول إلى مناسبة لمضاعفة الاستهلاك فى كل شىء: الفول، الزبادى، الزيت، السكر، اللحم، الدجاج، الخضراوات، الشاى، القهوة.

ويزيد فوق كل هذا وذلك مستلزمات الحلوى مثل: الكنافة، القطايف، المكسرات، التمور، والمشروبات مثل: قمرالدين، والكركديه.

يصبح المطبخ هو أكثر مركز ضاغط على الموظف المسكين الذى يعيش تحت الضغط النفسى لمتطلبات العادة والتقاليد فى رمضان.

وحينما يشكو صاحبنا يجد زوجته تقول له: «دى عادة مانقطعهاش يا أبومحمد وكل الناس بتعمل كده».

المرتب ثابت والتكلفة تتضاعف، لذلك لا يصبح أمام الرجل سوى 3 احتمالات؛ الأول: أن يجد من يقرضه قرضاً حسناً، والثانى أن يبيع أو يرهن شيئاً إذا كان يملك أى شىء، ثم نأتى للاحتمال الثالث وهو أن يتربح من وظيفته، أى أن يمد يده ويستغل وظيفته فيقع فى شرك الفساد.

معظم الذين يتورطون فى الفساد الإدارى هم ضحايا «عدم القدرة على تكاليف الحياة» فى ظل مجتمع استهلاكى مجنون، كل ما فيه يدعو الناس إلى الشراء والاستهلاك لكل ما يلزم وما لا يلزم.

بالطبع لا يوجد أى مبرر لأى إنسان أن يتربح بغير حق من وظيفته الحكومية، ولكن إذا كنا نريد أن نفتح ملف الفساد الحكومى علينا أن نتعرف على الظروف الموضوعية التى تجعل الموظف العام يمد يده للحصول على ما لا يستحق.

الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه قبل أن يقضى فى أمر سرقة، كان يتأكد من أن بيت المال «أى الدولة» قد قامت بدورها تجاه الرعية. وعُرف أن الخليفة عمر بن الخطاب عطَّل حداً من حدود الله، وهو قطع يد السارق فى عام الرمادة؛ لأن الجفاف منع الرعية من إيجاد لقمة العيش الحلال.

الحرام هو أن نعطى الموظف ما يكفيه من تكاليف الحياة لمدة أسبوع واحد فى الشهر ثم نحاسبه عن بقية الشهر.

الكفاية تحقق العدل، وتمنع الفساد، ولكن كيف يتحقق ذلك فى بلد محدود الموارد؟

تلك هى الأزمة.. وتلك هى المشكلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبل أن نحاسب على الفساد قبل أن نحاسب على الفساد



GMT 11:48 2022 السبت ,11 حزيران / يونيو

الرتاق

GMT 10:14 2022 الإثنين ,30 أيار / مايو

نقاش مع زميلين كبيرين

GMT 06:25 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

الساحر محمد صلاح

GMT 13:10 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

لو كنت من القيادة الفلسطينية

GMT 11:20 2020 الثلاثاء ,18 آب / أغسطس

سر الاتفاق الإماراتي مع إسرائيل (1)

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ننشر 10 تساؤلات بشأن تعويم الدرهم

GMT 02:23 2014 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السياحة الجنسية ظاهرة خطيرة تُثقل كاهل المجتمع في مراكش

GMT 18:29 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسيير أول خط طيران مباشر بين بابوا غينيا الجديدة والصين

GMT 21:23 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

إنقلاب سيارة "پورش" يقودها سعودي في طنجة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca