من سيسقط في عام سوريا الرابع؟

الدار البيضاء اليوم  -

من سيسقط في عام سوريا الرابع

عبد الرحمن الراشد

 السؤال مع دخول الثورة السورية عامها الرابع، هل سيحسم فيه مصير النظام بالخروج، أم سيتمكن أخيرا من القضاء على المعارضة، وتركيع الغالبية الثائرة عليه؟ الكم الهائل من المعارك اليومية في أنحاء سوريا يبين بشكل أكيد أن ثلاث سنوات لم تنجح في قمع الشعب السوري، رغم ما أوتي النظام من قوة ودعم. قبل سنتين كان الرئيس بشار الأسد يحاول شراء بضعة أسابيع من أجل السيطرة على البؤر المتمردة عليه. وفي مطلع العام الماضي كان قد وافق مبدئيا على التفاوض على نظام جديد، من أجل أن يشتري المزيد من الوقت. ثم، في مذبحة غاز السارين في غوطة دمشق، سارع، بضمان من روسيا وإيران، لتقديم عرض بالتخلص من أهم أسلحته، أي الكيماوية، يقوم أيضا على منع التدخل الأميركي ضده وشراء المزيد من الوقت لحسم المعركة لصالحه. ورغم كل ما اشتراه من وقت وأسلحة وخبراء، ورغم حرمان المعارضة المسلحة من العتاد النوعي، فشل الأسد في الإمساك بسوريا. كل ما أفلح فيه هو تدمير البلد بصورة لا تعبر إلا عن حالة حقد وكراهية. نحن ندخل السنة الرابعة في أشرس حرب عرفتها المنطقة لإسقاط نظام حاكم، وقد أصبح نصف السكان مشردين، وعدد القتلى يصل إلى مئات الآلاف، وفي الوقت نفسه المعارك مستمرة بما في ذلك محيط العاصمة دمشق. في سنة حرب رابعة يفترض أن التخلص من الكيماوي قد استنفد المهلة، وبتنفيذه، يصبح النظام عاريا بلا سلاح كيماوي، أو أن يستمر مماطلا متذاكيا لفترات أطول، ستحرج الموقف الأميركي، والأرجح أن تضع الأسد في مرمى نيران حلف الناتو. ماذا عن الجبهة الخلفية للمعارضة؟ هل لا يزال لديها الحماس، والإمكانية، والتحمل لتسليح الجيش الحر، وإعانة ملايين اللاجئين يوميا، وخوض المعارك السياسية ضد الأسد وإيران في المحافل الدولية؟ لا تزال القوى المؤمنة بالمعارضة، والداعمة للشعب السوري، ملتزمة بموقفها، وتحديدا السعودية والإمارات وقطر. وهذه الدول تدرك خطورة التخلي عن المعارضة، لأنه يعني انتصار النظام الإيراني في عموم المنطقة. وتعي كذلك أن المأساة ستتسع إن تخلت عن دورها في ترجيح كفة الصراع الإقليمي الذي بلغ مرحلة مهمة تستوجب الحسم. وبدخول المعارضة عاما آخر من المعاناة واللاحسم، يزداد الحمل على الجيش الحر، ومجلس الائتلاف، والقوى والمجالس التي ترفع علم الثورة. وهي بكل أسف، تمثل الحلقة الأضعف في مجمل القصة السورية. لا تزال باهتة، ومفككة، وعاجزة عن الانضباط الهيكلي، ومستمرة في صراعاتها. والمعارضة بدورها تنقل نزاعاتها إلى أعلى، حيث بسببها تحدث اشتباكات بين الدول الراعية. وهي تتحمل قسطا من المسؤولية في ضعف الدعم الدولي السياسي، التي أثارت شكوكا، ومخاوف، في قدرة المعارضة على إدارة الأرض والسكان والموارد. وبسبب تناحرها دخلت بين صفوفها جماعات إجرامية، مثل «داعش» و«جبهة النصرة»، خدمت نظام الأسد، وهددت الأقليات، وروعت معظم السكان الذين ثاروا على الأسد كرها في نظامه التسلطي ليجدوا جماعة لا تقل شرا وتسلطا عليهم. وفي كل الأحوال، سوريا الآن، ليست سوريا الأمس، ولن تكون سوريا المستقبل. لقد تغير المشهد إلى الأبد، الأسد ونظامه جزء من التاريخ الذي طوي، مهما حاول، وحاولت إيران وحزب الله، ومعهم روسيا. نحن نرجو أن تكون الآلام أقل، والانتقال أسرع، لكن بكل أسف يصر العالم على جعله أكثر إدماء، وإيلاما، ووحشية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من سيسقط في عام سوريا الرابع من سيسقط في عام سوريا الرابع



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 20:11 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 09:26 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

إعادة سلحفاة نادرة إلى مياه خليج السويس بعد علاجها

GMT 01:32 2014 الأحد ,27 تموز / يوليو

طريقه عمل مفركة البطاطا

GMT 08:20 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

منزل بريطاني على طريقة حديقة حيوان يثير الإعجاب في لندن

GMT 06:11 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

أسهل طريقة لإعداد مكياج رائع لجذب الزوج

GMT 00:03 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

قرار بخصوص مشروع ملكي مغربي يُربك حسابات إلياس العماري
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca