أين أخطأ أوباما مع إيران؟

الدار البيضاء اليوم  -

أين أخطأ أوباما مع إيران

عبد الرحمان راشد

حالة الاحتجاج الواضحة في المنطقة ضد مفاوضات الولايات المتحدة مع إيران، ربما فاجأت البيت الأبيض الذي يسعى لاتفاق تاريخي ينهي النزاع مع النظام الإيراني. وقد يستغرب المفاوض الأميركي استعمال الأطراف المحتجة، مثل دول الخليج العربية وإسرائيل، في الحكم على ما يجري، والأمر لا يزال في طور النقاش. الحقيقة نزع السلاح النووي الإيراني دون حرب ليس محل اعتراض أبدا، بل العكس تماما محل ترحيب إن جرى وفق ثمن معقول. فالخوف كان أكبر من حرب إيرانية دولية واسعة ومدمرة، نتيجة استهداف مراكز المشروع النووي الإيراني، تنفيذا للوعيد الذي سبق وأطلقه الرئيس السابق جورج دبليو بوش، والرئيس الحالي باراك أوباما. لهذا على مدى سنوات انخرط الجميع في مشروع تضييق الخناق اقتصاديا على إيران لدفعها باتجاه التنازل سلميا عن مشروعها النووي العسكري. وعندما عرض الإيرانيون، تحت رئاسة روحاني بعد انتخابه، رغبتهم في وقف جزء من نشاطهم النووي لقاء رفع جزء من العقوبات والانخراط في تفاوض نحو حل ما، التقطت إدارة أوباما الإشارة وسارعت بالتفاوض. المشكلة، كما تبدو، أن الإدارة الأميركية لم تكن شفافة مع الدول المعنية من أصدقائها. زودتهم بمعلومات ناقصة عن الاتفاق المؤقت ليكتشفوا أن العرض الأميركي أكبر، من حيث مكافأة إيران ماديا، والسماح ببعض التخصيب وغيره. بسبب ذلك دارت الشكوك في رؤوس الجميع، متخيلين أن إدارة أوباما في حالة استعجال لإبرام صفقة تكون على حساب المنطقة. ما الذي يمكن أن يكون على حسابها؟ الأول، أن توافق إيران على نزع سلاحها النووي مقابل إطلاق يدها في المنطقة، أي أن تسحب الولايات المتحدة قوتها من مياه الخليج وتتعهد بعدم الانخراط معها في معارك في الشرق الأوسط، طالما أنها ليست موجهة ضد الولايات المتحدة. الثاني، أن توافق الولايات المتحدة على ترك إيران تكمل مشروعها النووي العسكري مقابل ضمانات بعدم استخدامه. وكما نرى، الخياران سيئان وخطيران جدا، لدول المنطقة. الحالة الأولى ستسمح وتشجع إيران على تعويض خسارتها النووية بارتكاب المزيد من الحروب والمواجهات في الشرق الأوسط إلى ساحة حرب إقليمية، أوسع مما نراه في سوريا. أما الثانية، فستجعل إيران دولة بسلاح لا يقهر، يزيد من شعورها بالمنعة ورغبتها في الانتقام والتوسع، وسيدفع دول المنطقة إلى السلاح النووي لموازنة القوة الإيرانية، وبالتالي سباق تسلح نووي في منطقة مليئة بالمجانين. ردا على هذا التخوف، سمعت من أحد المسؤولين الأميركيين، في أحد المؤتمرات المغلقة قبل أيام، تأكيداته، أن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بسلوك عدواني في المنطقة. المشكلة أننا الآن أمام وضع غير مسبوق في سلوك نظام إيران من حيث العدوانية. النظام يعتقد، وربما هو محق، أن إدارة أوباما لن تتدخل مهما ارتكبت إيران وحلفاؤها من جرائم. لأول مرة النظام يدفع بآلاف من قواته للقتال خارج التراب الإيراني، في سوريا، أمر لم يفعله حتى الرئيس المتشدد جدا، أحمدي نجاد، حيث كان يكتفي بالاقتتال عبر وكلائه من حزب الله ونحوه. إيران تقاتل بعنف برجالها في الخارج تحت رئاسة روحاني لأنها تعتقد أن الحكومة الأميركية الحالية لن تتحداها. في الوقت الذي يغازل أوباما إيران، لم يفعل شيئا لطمأنة حلفائه وأصدقائه، على الأقل ردع النظامين الإيراني والسوري عن ارتكاب الجرائم المروعة في سوريا. يتحدث عن أنه لن يسمح لإيران بسلوك سيئ ونحن نشهد سكوته عن أكبر مأساة في تاريخ المنطقة، حيث قتل أكثر من مائة وثلاثين ألف إنسان وجرى تشريد أكثر من ستة ملايين، وتستخدم الطائرات والأسلحة الثقيلة ضد المدن والقرى. والآن حكومته تستغرب لماذا هذا الغضب من مفاوضات غامضة مع نظام إيران، يفاوض الإيرانيين لإطلاق يدهم أكثر وأكثر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين أخطأ أوباما مع إيران أين أخطأ أوباما مع إيران



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 20:11 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 09:26 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

إعادة سلحفاة نادرة إلى مياه خليج السويس بعد علاجها

GMT 01:32 2014 الأحد ,27 تموز / يوليو

طريقه عمل مفركة البطاطا

GMT 08:20 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

منزل بريطاني على طريقة حديقة حيوان يثير الإعجاب في لندن

GMT 06:11 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

أسهل طريقة لإعداد مكياج رائع لجذب الزوج

GMT 00:03 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

قرار بخصوص مشروع ملكي مغربي يُربك حسابات إلياس العماري
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca