عندما يخاف أوباما من إيران!

الدار البيضاء اليوم  -

عندما يخاف أوباما من إيران

عبد الرحمن الراشد

كنا نظن أن إيران هي التي تخاف من حرب تشنها عليها الولايات المتحدة لوقف مشروعها النووي العسكري، المفاجأة أننا الآن نكتشف أن الولايات المتحدة هي التي تخشى من حرب مع النظام الإيراني. أمر غريب عندما صارح الرئيس الأميركي الكونغرس بأن أي تشديد منهم للعقوبات الاقتصادية على إيران خلال التفاوض قد يجر إلى الحرب. إذن، لماذا كل هذه العنتريات لسنوات طويلة؟ ألم يكن الأهون على الرئيس باراك أوباما أن يترك إيران تخصب وتنتج أسلحتها النووية بدلا من التهديدات الفارغة، وبدلا من العقوبات السياسية والاقتصادية؟ حسنا، ما دامت الاستراتيجية الأوباومية تقول بعدم خوض الحروب، فلماذا لا يوقف أجهزته الأمنية من مطاردة «القاعدة»، ويتركها في حالها؟ أليس هذا أهون عليه من محاربتها في اليمن والصومال وباكستان؟ إنها خاطرة جميلة أن يفكر الرئيس الأميركي، مثل الراحلة الأم تريزا، بإعطاء خصومه خديه الأيمن والأيسر ومصالحة القوى المعادية، ونقل قواته من باغرام والكثير إلى قواعدها العسكرية الداخلية، في تشيري بوينت، وسانت دييغو، وهاواي. إنما هل آية الله في طهران، والشيخ الظواهري، وملا طالبان في أفغانستان وباكستان، حقا سيدَعونه في حاله لأنه سحب المارينز، أو أغلق قواعده في قطر وألمانيا؟ لو أن العالم بهذه الروح الجميلة لكنا أول المصفقين للرئيس أوباما لأننا أول المستفيدين من السلام، لكننا نعيش عالما حقيقا لا ألعاب فيديو. الذين يموتون في سوريا كل يوم بشر حقيقيون وليسوا أفلام كارتون. للتذكير فقط، عندما هاجمت «القاعدة» نيويورك وواشنطن كان الرئيس جورج بوش حينها بلا برنامج لمواجهة مع التنظيم الإرهابي، أو إرسال قوات للخليج، بل كشف عن رغبته في رعاية سلام في الشرق الأوسط، وأعلن لأول مرة عن نيته دعم قيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية، وزار المركز الإسلامي في واشنطن. كان يعتقد أن «القاعدة» مشكلة تخص دول المنطقة. على أية حال، سيكتشف أوباما ما سبق لويلسون وروزفلت اكتشافه، أن الدول الكبرى، ذات المصالح المنتشرة في أنحاء العالم، مضطرة إلى القيام بدور عالمي. الرئيس روزفلت استمر سنة كاملة يصر على الوقوف على الحياد خلال الحرب العالمية الثانية، رافضا مواجهة ألمانيا النازية، حتى اكتشف أن هتلر لم تعد تشبعه فرنسا، فاضطر إلى التدخل. الذي يمنع الكثير من الأنظمة، والتنظيمات الإرهابية، من ركوب المغامرات هو خوفها من أن الثمن قد يكون غاليا. وقد نجحت فكرة الردع المبنية على خيار استخدام القوة، نجحت لنحو سبعة عقود في تقليل الحروب وحفظ الاستقرار في معظم العالم. والعكس صحيح أيضا بأن التهديد بلا تنفيذ يعمق الحروب، ويشجع على ارتكاب الجرائم. فالنظام السوري مجرم بطبيعته، لكنه كان يخشى من المواجهة الدولية في بداية الأحداث، لهذا لم تكن تتجرأ قواته على قتل أكثر من ثلاثة عشر شخصا يوميا، وبعد أن اكتشف أن احتمال التدخل الدولي ضده ضعيف، رفع حجم القتل إلى أكثر من مائة في اليوم. وعندما وجد أن أحدا لن يردعه صار يستخدم الدبابات والمدافع والطائرات لقصف المدن والقرى، بحجة وجود جيوب مسلحة. ولأن أحدا لم يتحرك ضد استخدامه الأسلحة الثقيلة عمد إلى استخدام سلاحه الكيماوي عدة مرات يخنق خلالها بضعة أشخاص، أيضا مرت جرائمه ولم يجد تحركا عسكريا ضده، لهذا تجرأ فاستخدمه لإبادة عدة مئات، وانتشرت صور الأطفال الميتين المكومين في البيوت التي روعت العالم. بكل حزن، سيسجل التاريخ أن الرئيس الأميركي الذي أشاع التفاؤل قبل خمس سنوات داعيا للتصالح، وزهد في استخدام القوة، في الواقع هو الوحيد الذي هادن نظام استخدم الأسلحة الثقيلة واستخدم الكيماوي المحرم دوليا، ولم يفعل شيئا، سوى منح النظام السوري المزيد من الوقت. وهو الآن، في اللحظة الحاسمة، يترك الإيرانيين يفلتون. نقلًا عن "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما يخاف أوباما من إيران عندما يخاف أوباما من إيران



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca