فتوى سياسية ضد القنبلة النووية

الدار البيضاء اليوم  -

فتوى سياسية ضد القنبلة النووية

عبدالرحمن الراشد

نحن الذين نسكن على بعد مرمى حجر من اليابسة الإيرانية عبر الخليج أكثر سعادة من الأميركيين أو الإسرائيليين أن يكون النظام الإيراني حقا راغبا في السلام الخطر على إيران من داخلها وليس من العرب أو إسرائيل كما يحاول منظّرو الجمهورية الترويج له لتبرير الشقاء الذي يعيشه الشعب الإيراني في سبيل الحصول على القنبلة المقدسة فتوى المرشد بتحريم السلاح النووي تقع بين الدين والسياسة فالإسلام يعتبر قتل نفس واحدة بغير حق مثل قتل البشر جميعا ورأس نووي واحد كاف لإبادة عشرات أو مئات الآلاف الأبرياء أحيانا، لا توجد فوارق كبيرة بين رجال الدين ورجال السياسة؛ ففن الكلام مهنتهم. ببلاغتهم يمكنهم التبرير والتدوير. النظام الإيراني الآن يقول إنه لا ينوي أن يبني قوة نووية عسكرية، لأن المرشد الأعلى أفتى بتحريم استخدام السلاح النووي! لا بد أن تكون إيرانيا شيعيا ورعا لتصدق مثل هذه العهود، لكن ليس بإمكان حكومات المنطقة تصديقها. وهنا أستعير المثل الذي استعان به الزميل الأستاذ إياد أبو شقرا في مقاله أول من أمس «إن سوء الظن من أقوى الفطن»، ففتوى المرشد الأعلى تزيدنا تشككا، فالأمر لا يحتاج إلى فتوى، بل إلى فتح المعامل والمفاعلات للمفتشين الدوليين، ونحن سنقبل بحكمهم وضماناتهم. كجيران، لن نطالب بشروط نتنياهو الأربعة من على منبر الأمم المتحدة «وقف تخصيب اليورانيوم، وإخراج المخصب منه من إيران، وتفكيك البنى التحتية التي تسرع إنتاج سلاح نووي مثل منشآت قم ونتناز، ووقف العمل في مفاعل المياه الثقيلة في أراك لإنتاج البلوتونيوم». تحريم السلاح النووي فتوى المرشد بتحريم السلاح النووي تقع بين الدين والسياسة، فالإسلام يعتبر قتل نفس واحدة بغير حق مثل قتل البشر جميعا، ورأس نووي واحد كاف لإبادة عشرات أو مئات الآلاف الأبرياء. لكن فتوى المرشد هنا لا تزيد على فتاوى بابا الفاتيكان لأتباعه الكاثوليك بتحريم موانع الحمل، فإيران على وشك إنجاب سلاحها المحرم. ما أنفقته وضحّت به في عقد ونصف العقد من أجل مشروعها النووي أضخم من أن يصدق العقل أنه كان بهدف إضاءة شوارع طهران، فقد عرض الغرب على الحكومات الإيرانية المتعاقبة مكافآت وحوافز وبدائل تعوضها للحصول على الطاقة التي تحتاجها، مع هذا رفضت، واستمرت في تنفيذ مشروع يستحيل إلا أن يكون عسكريا. القذافي وصدام الشرق الأوسط، المنطقة التي ألفت الحروب طويلا، قادرة على خوض أخرى، إنما بعد القضاء على طغاة مثل القذافي وصدام والآن الأسد، زاد الأمل بأن اليوم اقترب لإخلاء المنطقة من الحروب، وأن تتخلى أنظمة مثل إيران عن مشاريعها التوسعية وأحلامها ببناء إمبراطوريات إقليمية، وبدلا منه التفرغ لبناء بلدانها من الداخل. فالخطر على إيران من داخلها وليس من العرب أو إسرائيل، كما يحاول منظّرو الجمهورية الترويج له، لتبرير الشقاء الذي يعيشه الشعب الإيراني في سبيل الحصول على القنبلة المقدسة. الوقت والجهد والمفارقة أن الأميركيين الذين أنفقوا الكثير من الوقت والجهد لبناء حلف واسع نجح في التضييق على نظام إيران سياسيا واقتصاديا، يقومون بهدمه اليوم. فقد كان هدف الحلف سلميا بإجبار طهران على التخلي عن أحلامها العسكرية، مستخدما المصارف وشركات النفط والسفر والتقنية، إلى جانب وسائله الأمنية والعسكرية. أغلقت بنوك، وعطلت مصالح اقتصادية، ومنعت شركات طيران، وحظر تصدير معظم المنتجات المختلفة إلى إيران، هذا ما دفع القيادة الإيرانية إلى اختيار روحاني صاحب الوجه الباسم، خلفا للعابس نجاد، رئيسا وداعية سلام. اليابسة الإيرانية نحن الذين نسكن على بعد مرمى حجر من اليابسة الإيرانية عبر الخليج أكثر سعادة من الأميركيين أو الإسرائيليين أن يكون النظام الإيراني حقا راغبا في السلام، ووصل إلى قناعة بالتخلي عن السلاح النووي لأنه سيكلف الحصول عليه أعظم مما يستفيد منه. بكل أسف، لا نلمح في الأفق شيئا من هذا التواضع، بل يبدو لنا مشروع علاقات عامة يهدف إلى دغدغة عواطف البيت الأبيض.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتوى سياسية ضد القنبلة النووية فتوى سياسية ضد القنبلة النووية



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca