هل ينهي الجبير قطيعة ربع قرن؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل ينهي الجبير قطيعة ربع قرن

بقلم : عبد الرحمن الراشد

الرأي العام٬ مثل قطيع الخراف٬ يقاد ولا يقود٬ وما نراه من رفض وغضب واحتقان واتهامات ليست إلا نتيجة للمزاج السياسي لتلك اللحظة. وهذا ينطبق على العلاقات العراقية السعودية التي عاشت فترات اضطراب متعددة٬ وسممت خلافاتها المنطقة كلها.

عادل الجبير٬ وزير الخارجية السعودي٬ فاجأنا بظهوره أمس في بغداد بعد هجران دام ربع قرن. مبادرة مهمة في ظروف٬ بالفعل٬ تستوجب إصلاح علاقات البلدين التي لا يوجد فيها خلافات مهمة حتى تتدنى إلى هذا المستوى.

بكل أسف التوتر ليس جديًدا٬ بل له تاريخ بعيد. وبغض النظر عن شعارات المواسم السياسية والدعائية٬ مثل أن العراق حامي بوابة الخليج الشرقية٬ ومركز استقراره٬ فإن الخلافات مع بغداد قديمة ومتكررة وكانت مصدر قلقل وحروب وغالًبا نتيجة مشكلات الحكم الداخلية.

ففي الستينات والسبعينات٬ بوصول حزب البعث للحكم كثرت معاركه الداخلية٬ وفتح الحكم الجديد أزمة مع السعودية٬ التي كانت قد أنجزت مصالحة مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر في قمة الخرطوم عام ٬1967 وقام البعث حينها بشن حملات دعائية ضد السعودية تحرض على الانقلاب٬ واحتضن معارضين سعوديين في بغداد. وساءت العلاقة لنحو عشر سنوات٬ ولم تتحسن إلا بعد أن قرر صدام حسين الالتفات إلى إيران بعد سقوط الشاه في أواخر السبعينات. ا يهددها أي ًضا. إنما٬ بعد تراجع قواته وإصرار نظام الخميني على استمرار

في بداية تلك الحرب٬ كانت السعودية قلقة من أي انتصار يحققه صدام لأنه يعطيه تفوقً ا وخط ًرا من

الحرب٬ لم يعد أمام الرياض إلا مساندته بطريقة غير مباشرة٬ وكذلك فعلت الولايات المتحدة٬ التي وجدت أن رجال الدين الإيرانيين المتطرفين أكثر جنونًا بعثيي بغداد. ودامت العلاقة ودية مع نظام صدام حتى توقفت الحرب٬ حيث التفت مرة أخرى إلى دول الخليج وعاد يفتعل مشكلات معها. لم يرق له أنها أسست «مجلس التعاون لدول الخليج العربية» من دونه٬ واعتبرها خديعة٬ وأن الخليجيين استغلوا انشغاله بالحرب مع إيران لبناء حلفهم الإقليمي. بدأ يتقارب ببطء مع عدوته إيران٬

وشكل منظمة مضادة سماها «مجلس التعاون العربي» بما يوحي بأنه موجه ضد السعودية ودول الخليج. ثم افتعل خلافين؛ الأول حول حصص إنتاج النفط٬ مستهدفً الكويت تحديًدا٬ والثاني لجأ للابتزاز مدعًيا حاجته لمزيد من الدعم المالي. ثم احتل الكويت. ُعرف صدام بشخصيته العدوانية٬ سواء ضد خصومه أو رفاقه في حزب البعث أو حتى أفراد عائلته٬ وبسبب شخصيته استمرت علاقة السعودية مع بغداد سيئة بعد حرب تحرير الكويت لاثني عشر عا ًما. وكانت المعارضة العراقية تلتقي في الرياض٬ ضمن عواصم أخرى٬ متوقعة أن يفتعل صدام أزمة بمجرد رفع الحظر الدولي عنه. وِفي النهاية قرر الأميركيون التخلص من نظامه٬ بعد أن فشلت العقوبات الاقتصادية في إسقاطه أو احتوائه٬ ولم تكن أسلحة الدمار الشامل إلا ذريعة لهم لحسم الوضع عسكرًيا.

بعد أن ذهب صدام٬ حل محله مجلس الحكم «الأميركي» في بغداد٬ لكنه لم يستطع٬ هو الآخر٬ طمأنة الرياض التي توجست خيفة من المشروع الأميركي٬ وامتنعت عن التعاون معهم٬ وهنا دخلت إيران على الخط تعرض تعاونها مع القوات الأميركية هناك. وعندما رفضت السعودية السماح للأميركيين باستخدام قاعدتهم العسكرية في الخرج في السعودية لشن الحرب٬ أي ًضا عرضت قطر تعاونها٬ فسحبوا قواتهم منها وبنوا قاعدة بديلة لهم في قطر٬ التي أصبحت مركز عملياتهم العسكرية في العراق وأفغانستان.

دبلوماسيا٬ ظلت العلاقات السعودية دبلوماسيا شبه معدومة مع القيادات العراقية الجديدة٬ حتى لا تعطي الشرعية للنظام الجديد تحت الوجود العسكري الأميركي٬ وفي الوقت نفسه لم تكن خص ًما لها. وساءت أكثر في فترة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وعندما خرج٬ وانتخب محله حيدر العبادي٬ رحبت به السعودية لكن خصوم العبادي من بينهم المالكي٬ وكذلك إيران٬ أفلحوا في إضعاف حكومته٬ ولم ينجح في تطوير علاقاته الخارجية٬ رغم عودة السفراء.

زيارة الوزير السعودي الجبير لبغداد خطوة دبلوماسية مهمة٬ قد تتجاوز أبعادها العراق٬ في وقت صعب٬ تحتاج فيه المنطقة إلى التعاون لتقليل التوتر والفوضى والإرهاب واحتمالات فتح مزيد من جبهات الحروب.

المصدر :صحيفة الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ينهي الجبير قطيعة ربع قرن هل ينهي الجبير قطيعة ربع قرن



GMT 18:24 2022 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إرضاء واشنطن مهمة صعبة

GMT 18:26 2022 الإثنين ,03 تشرين الأول / أكتوبر

بعد غياب الـ«بي بي سي»

GMT 12:17 2022 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

هل هي نهاية «الإخوان»؟

GMT 23:04 2022 الأربعاء ,14 أيلول / سبتمبر

هل يحافظ تشارلز على العرش؟

GMT 16:01 2022 الأربعاء ,07 أيلول / سبتمبر

كوشنر وترمب والمنطقة

GMT 02:38 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

زيادة طفيفة في التأييد العام للسيدة الأولى ميلانيا ترامب

GMT 07:13 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية السبت

GMT 17:45 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يربك حسابات المغرب التطواني ويبعثر أوراق فرتوت

GMT 15:58 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال شخص في ثغر مليلية بتهمة الترويج لـ"داعش"

GMT 14:08 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس المجلس الإقليمي للناظور يوزع خمس سيارات للنقل المدرسي

GMT 17:53 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

مشروب "الشعير المغلي" لخسارة دهون البطن في أسبوع

GMT 04:59 2015 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جزر تايلاند الوجهة المفضلة للسيّاح في جنوب شرق آسيا

GMT 06:10 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

الشاعرة المغربية الشاوي بشرائيل تزور اسرائيل برأس مرفوع

GMT 01:01 2015 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

أرجل الدجاج تعالج ارتفاع ضغط الدم

GMT 20:20 2016 السبت ,12 آذار/ مارس

المشمش غني بالعناصر والأملاح المعدنية

GMT 08:22 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الموقفين في جريمة حمزة الشايب يرشدون على هوية صاحب المهمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca