زكريا وظريف والسعودية

الدار البيضاء اليوم  -

زكريا وظريف والسعودية

بقلم : عبد الرحمن الراشد

في يومين متتاليين نُشر مقالان متشابهان في الفكرة والتفاصيل، ينتقدان زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمملكة العربية السعودية، بدعوى أنها بلد التطرف والإرهاب.

الكاتب فريد زكريا كرر مجدداً، مقالاته الصحافية وأقواله في برنامجه التلفزيوني، عندما كان يدافع عن سياسة الرئيس السابق باراك أوباما بالتقارب مع إيران على حساب العلاقة مع السعودية، نشره في مقاله في «واشنطن بوست». تقريباً، بالمنطق نفسه، كتب وزير خارجية إيران جواد ظريف مقالاً في «نيويورك تايمز». لا يستطيع أحد أن ينكر على الوزير الإيراني دفاعه عن بلده، وتبريره لسياساتها المتطرفة والدموية، التي لم تتوقف منذ وصول آية الله الخميني إلى الحكم في عام 1979 وحتى هذا اليوم. وظيفته أن يفعل ذلك.

أما زكريا يكفي أن نرى أن معظم من احتفى بمقاله هي وسائل الإعلام الإيرانية في المنطقة مثل مقال وزيرهم ظريف. كلاهما سخر من زيارة الرئيس ومن القمة الإسلامية، متجاهلين أهمية حضور أكثر من خمسين زعيم دولة إسلامية. فعلياً كل الحكومات الإسلامية في العالم لبّت دعوة السعودية، وغابت اثنتان فقط، إيران وسوريا، ولا عجب. كلهم جاءوا في مظاهرة، الوحيدة من نوعها، للتأكيد على موقفهم برفض اتهام الإسلام والإسلاميين على أفعال تنظيمات خارجة على القانون وإبداء رغبتهم في التعاون مع الولايات المتحدة في محاربة التطرف والإرهاب. ما حدث في الرياض شبه إجماع من الدول الإسلامية على تأييد السعودية في مشروعها تجسير الهوة مع الغرب، ومنع الانزلاق في متاهات التعميم، وما يتبعها من صراع ثقافي ديني هو حقاً ما يريده وما يتمناه المتطرفون. هذه فكرة السعودية ومشروعها، فما الذي يُغضب إيران والكتاب المؤيدين لإيران؟

زكريا، مثل الوزير ظريف، لم يعجبه أن الإدارة الأميركية الحالية قررت التعاون مع الدول الإسلامية ومن بينها السعودية ضد الإرهاب. يحاولان التركيز على أن السعودية تتبع مدرسة متشددة من الإسلام، وتفسيره بأنه مسؤول عن التطرف الديني المسيّس والإرهاب، وهذا تلبيس وتشويه للحقائق على الأرض. فالتشدد الديني والاجتماعي حالات موجودة في كل الأديان لا الإسلام وحده، وموجود بالفعل في السعودية. أما التطرف الديني السياسي فهو أمر مختلف، ولم تعرفه المجتمعات الإسلامية أبداً إلا بعد وصول الخميني للسلطة في إيران، الذي صار ملهماً للجماعات الدينية السنية والشيعية على السواء في السعي للوصول مثله للحكم بالقوة. وفي الوقت الذي تلاحق السعودية، وتسجن، وتعدم المرتبطين بالإرهاب، فإن إيران تمنحهم المناصب الحكومية العليا، وتسمح لهم بخوض انتخاباتها المزورة، وقيادة قواتها المسلحة المنتشرة تقاتل في العراق وسوريا واليمن. أما السعودية وبقية الدول الإسلامية فإنها تواجه منذ عشرين عاما الجماعات المتطرفة المسلحة وقتلت كثيراً من قياداتها بالتعاون مع الولايات المتحدة. استشهد زكريا ببرقية واحدة لتبرئة إيران واتهام السعودية، في حين أن هناك عشرات الشهادات في الكونغرس، وجلسة طويلة شهد فيها مسؤولون من الدفاع والاستخبارات في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، وصفت إيران بأنها المسؤول الرئيسي عن دعم الإرهاب.

محاربة الإرهاب تستدعي ضرورة الإجماع الدولي على محاربته، ضد الجماعات السنية والشيعية المسلحة، فهل تقبل إيران هذا المبدأ؟ وترضى بالمشاركة في المهمة؟ لا؛ لأنها تدير علانية مجاميع دينية مسلحة متطرفة يتجاوز عدد أفرادها العشرين ألف مقاتل، جلبتهم من العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان. الوزير ظريف، وكذلك الكاتب زكريا، يعرفان هذه الحقيقة، لكن الهدف هنا فقط تبرير الخطأ التاريخي الذي ارتكبه الرئيس أوباما عندما صالح إيران دون أن يسعى لربط رفع العقوبات بتغيير سلوك إيران العدواني ضد دول المنطقة والعالم، والنتيجة نحو نصف مليون قتيل في سوريا وحدها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زكريا وظريف والسعودية زكريا وظريف والسعودية



GMT 18:24 2022 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إرضاء واشنطن مهمة صعبة

GMT 18:26 2022 الإثنين ,03 تشرين الأول / أكتوبر

بعد غياب الـ«بي بي سي»

GMT 12:17 2022 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

هل هي نهاية «الإخوان»؟

GMT 23:04 2022 الأربعاء ,14 أيلول / سبتمبر

هل يحافظ تشارلز على العرش؟

GMT 16:01 2022 الأربعاء ,07 أيلول / سبتمبر

كوشنر وترمب والمنطقة

GMT 02:38 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

زيادة طفيفة في التأييد العام للسيدة الأولى ميلانيا ترامب

GMT 07:13 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية السبت

GMT 17:45 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يربك حسابات المغرب التطواني ويبعثر أوراق فرتوت

GMT 15:58 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال شخص في ثغر مليلية بتهمة الترويج لـ"داعش"

GMT 14:08 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس المجلس الإقليمي للناظور يوزع خمس سيارات للنقل المدرسي

GMT 17:53 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

مشروب "الشعير المغلي" لخسارة دهون البطن في أسبوع

GMT 04:59 2015 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جزر تايلاند الوجهة المفضلة للسيّاح في جنوب شرق آسيا

GMT 06:10 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

الشاعرة المغربية الشاوي بشرائيل تزور اسرائيل برأس مرفوع
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca