رسالة «الواتساب» الأخيرة

الدار البيضاء اليوم  -

رسالة «الواتساب» الأخيرة

بقلم : عبد الرحمن الراشد

ُيروى أن الإرهابي خالد مسعود الذي هاجم مبنى البرلمان في لندن كان قد بعث برسالة مهمة لم يقدر الأمن البريطاني على ف ّكها٬ لأن «الواتساب» صار يقدم الخدمة مشفرة. ولأن الإرهابي مشَتَبه به من قبل٬ ووضع حينها تحت الرقابة. ربما كان ُيمكن للأجهزة الأمنية إحباط العملية لو عرفوا بالرسالة. هذا مجرد افتراض قد لا يكون صحيحاً٬ إنما تبقى الرسائل والمحادثات٬ عبر وسائل التراسل الاجتماعية٬ ساحة المعركة بين أجهزة الأمن والإرهابيين الذي كثفوا اعتمادهم على الوسائل نفسها٬ وصارت ذراع الإرهاب الحديث.

وأحد أسباب اضمحلال تنظيم القاعدة أن قادته امتنعوا عن استخدام تقنية التواصل٬ ولجأ بن لادن في آخر سنواته إلى إرسال مندوبيه برسائل شفهية أو مكتوبة باليد٬ هرباً من رصد آذان الأمن التي صارت تسمع٬ وتسجل٬ وتترجم٬ وتتعرف على أصحاب الأصوات٬ وتحدد مواقعهم٬ كل ذلك بيسر شديد. لكن الإرهابيين الجدد اعتبروا أكثر٬ ودعاية هائلة مجانية تستحق المخاطرة.

أن استخدام التقنية الحديثة يعطيهم مسافات أبعد٬ وشباباً و«الواتساب» هو أكبر نوافذنا على العالم من حولنا٬ أو الذي نظنه العالم الحقيقي. وأكثر من يستفيد منه الجمهور الذي هو خارج الخط السريع المعلوماتي والذي يتولى تصنيع وتسويق وتوزيع المعلومات إلى آخرين يرسلونها دون وعي لدوافعها إلى أكثر من مليار إنسان في العالم٬ مشتركين في هذه الخدمة.

فهل ُيمكن رصد كل هذا المحيط من المعلومات؟ إذا كانت تسريبات «ويكيليكس» الأخيرة صحيحة٬ فهذا يعني أنه لا توجد هواتف معصومة من الرقابة. تقول الوثيقة إن الاستخبارات الأميركية تمَّكَنت من تطوير أنظمة قادرة على التسلل إلى الأجهزة نفسها٬ وبالتالي لا تحتاج إلى فك شفرات الخدمات٬ لأنها مثل صاحب الجهاز تقرأ وتشاهد وتسجل قبل أن يضغط المرسل على شاشة هاتفه فيرسلها. وهذا لا يعني أنه في حوزة كل مؤسسات الرصد في العالم.

ومع التطور الأمني التقني المذهل٬ فإن القبض على الإرهابيين٬ أو قصفهم في مخابئهم٬ أو استغلالهم٬ صار لعبة يومية. هذه التقنية ملعونة ومشكورة٬ فهي تساعد الإرهابيين على التجنيد والتفجير٬ وتساعد الآمنين على القبض على المجرمين.

هذا بالنسبة لساحة الحرب العسكرية الأمنية٬ أما الذي فشلت فيه الدول فهو مواجهة الفكر. فقد عجزت عن وقف عمليات غسل الدماغ المكثفة التي تستهدف ملايين الناس كل صباح ومساء٬ والتي تستخدم الأديان وتلعب على النعرات والغرائز بالرسائل عبر الوسائل. تقنية التجسس فعالة في محاصرة تنظيمات الإرهاب والإرهابيين٬ لكنها بل يحدث بصفة علنية وعلى مدار الساعة٬ يجري حقن عقول

لا تستطيع كسب المرحلة الأولى من العمل الإرهابي٬ أي الجزء الفكري. ومعظم هذا النشاط ليس مشفراً الناس بالرسائل التي يتم تدويرها من نصائح٬ ومعلومات٬ وأخبار٬ وأفكار٬ وخطب٬ ونقاشات٬ وطرف٬ ودروس٬ وصور٬ ورسوم٬ وفيديوهات على الخطوط المفتوحة العامة. ومع أنها مفتوحة للجميع٬ فإن فهمها ومواجهتها أصعب من فك أكثر الشفرات السرية تعقيداً٬ لأنها ثقافة موجهة. الحل في الثقافة البديلة للمتطرفة٬ وهذه لم تصبح كبيرة قادرة على مواجهة مد الرسائل المتطرفة.  

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة «الواتساب» الأخيرة رسالة «الواتساب» الأخيرة



GMT 18:24 2022 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إرضاء واشنطن مهمة صعبة

GMT 18:26 2022 الإثنين ,03 تشرين الأول / أكتوبر

بعد غياب الـ«بي بي سي»

GMT 12:17 2022 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

هل هي نهاية «الإخوان»؟

GMT 23:04 2022 الأربعاء ,14 أيلول / سبتمبر

هل يحافظ تشارلز على العرش؟

GMT 16:01 2022 الأربعاء ,07 أيلول / سبتمبر

كوشنر وترمب والمنطقة

GMT 06:02 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

تعرف على طرق لعلاج مشكلة "تساقط الشعر"

GMT 11:38 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

الشفا جنوب الطائف أجمل أماكن الاصطياف في السعودية

GMT 07:42 2014 الأحد ,03 آب / أغسطس

تطوير قطع أثاث ذكيّة تعيد تشكيل نفسها

GMT 20:37 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الشروق" تصدر طبعة ثانية من رواية "أصوات" لسليمان فياض

GMT 05:20 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على الأحجار الكريمة التي تؤثر على حياتك

GMT 07:41 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

طبعة خامسة من رواية خيري شلبي "صحراء المماليك"

GMT 11:04 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

شاب يلقى حتفه في ضيعة فلاحية في ضواحي وجدة

GMT 08:35 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

نصائح مهمة لاختيار زينة وسط الطاولة في ديكور زفافك

GMT 05:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

هادي يمهد لزيارة إلى الإمارات في إطار دعم الشرعية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca