دور الهزيمة للجيش اللبناني

الدار البيضاء اليوم  -

دور الهزيمة للجيش اللبناني

بقلم - عبد الرحمن الراشد

هل يمكن أن نفهم لماذا سمح الجيش اللبناني، ومن خلفه حزب الله وقوات النظام السوري، لمائتين وخمسين مقاتلاً إرهابياً من تنظيم داعش محاصرين في منطقة الجرود اللبنانية السورية بأن يخرجوا بسلام إلى دير الزور السورية؟ أي من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، وهي على الخريطة أكثر من أربعمائة كيلومتر داخل سوريا الممزقة!

ثم إن الصفقة تبدو مريبة، فهي تقوم على وقف إطلاق النار بين الجيش اللبناني من جهة، مع أنه لم يكن يقاتل خلال السنوات الأربع الماضية هناك، وداعش من الجهة الأخرى. ففي الاتفاق يبدو الجيش اللبناني هو من يفك الحصار عن القتلة مقابل أن يسلموا جثث قتلى حزب الله، ويدل الجيش على مدافن قتلاه، نحو تسعة عسكريين تم العثور على ستة منهم.

لماذا لم يترك دور البطولة هذه المرة لحزب الله كالعادة؟

السبب، كما يبدو، لأن الاتفاق هزيمة وفضيحة، والعذر أن الجيش هو القوة الشرعية. ولا يبدو منطقياً، أو على الأقل مفهوماً، السماح بخروج هذا العدد الكبير من مقاتلي التنظيم أحياء لقاء رفات أموات، طالما أن حزب الله يدعي أنه سيطر على تلك المناطق الجبلية.

لهذا اعتبر أهالي القتلى اللبنانيين الاتفاق خيانة في حق أبنائهم، معتمدين على أقوال الجيش بأنهم سيطروا على القلمون، وبقي عشرون كيلومترا من دائرة مساحتها مائة كلم.

الحقيقة واضحة، حزب الله لم يكن قادراً على السيطرة على تلك المنطقة، ويبرر الاتفاق بقوله: إنها ليست استراتيجية، وهذا ليس صحيحاً، فهي ملاذ آمن لداعش يستطيع منه أن يهدد كل شمال شرقي لبنان بعملياته الإرهابية، ولا يبعد سوى بضعة كيلومترات من حدود سوريا، إن أراد الانتقال بعملياته إلى هناك.

ويقول حزب الله إن الصفقة مع داعش لتنظيفها منه والسيطرة على كامل المنطقة، من أجل أن يتفرغ لمقاتلة الأميركيين في البادية السورية! طبعاً لا يوجد هناك من يصدق هذا الادعاء.
أما الجزء الغامض الآخر، فهو كيفية انتقال مقاتلي داعش إلى دير الزور، مسافة طويلة تستغرق في وقت السلم خمس ساعات، والآن ربما يوماً كاملاً أو أكثر.

ما الذي يهمنا في هذه المعركة الصغيرة في إطار حرب سوريا الكبيرة؟ نحاول أن نفهم من تفاصيلها تشكيلة القوى على الأرض. فإن استطاع تنظيم داعش أن ينقذ مقاتليه المحاصرين في الجرود والقلمون اللبناني، ثم يُؤمِّن انتقالهم إلى دير الزور البعيدة، فإن هذا يدل على أنه لا يزال قوياً بخلاف ما نسمع عنه. وهذا يعني أن أي اتفاق يفرضه الروس والإيرانيون على القوى السورية المقاتلة الأخرى لاحقاً، سيكون مجرد وهم سلام.

وهذا لا ينفي انهيارات التنظيمات الإرهابية، في مناطقها داخل سوريا، بل حقيقية، ومعظمها نتيجة ضربات التحالف الغربي، على اعتبار أن تحالف إيران وروسيا يركز في قتاله على التنظيمات السورية التي تنازع نظام الأسد شرعيته وإجبارها على القبول بمشروعه السياسي. إنما الفارق بين هزيمة تنظيم سوري مسلح، وآخر إرهابي مثل داعش وجبهة النصرة، أن القوى الإرهابية قادرة على البقاء بعد الهزيمة لتعمل تحت الأرض، لأنها مؤدلجة وتعيش في بيئة سرية التنظيم.

حزب الله كان يريد أن يضع اسمه فقط على الانتصارات لأنه يعيش شعبياً عليها، لهذا ترك للجيش اللبناني توقيع اتفاق القلمون ليكون محل غضب الناس واستنكارهم. فصار الجيش هو من وافق على صفقة تبادل الجثامين مقابل إخلاء قتلة داعش، فيما يبدو للجميع أنها صفقة خاسرة، وهزيمة محرجة. حزب الله اختار وتنازل، هذه المرة، عن دور «البطولة» للجيش اللبناني الذي لا يزال مغلوباً على أمره.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دور الهزيمة للجيش اللبناني دور الهزيمة للجيش اللبناني



GMT 04:10 2017 الجمعة ,01 أيلول / سبتمبر

هل يثق العرب فى بعضهم؟

GMT 05:22 2017 الخميس ,31 آب / أغسطس

من قتل ناجي العلي؟

GMT 05:19 2017 الخميس ,31 آب / أغسطس

جلب وليد الكردي.. وقرار الثلاثاء المفاجىء

GMT 05:17 2017 الخميس ,31 آب / أغسطس

لا تقل هذا خطأ وتصمت قل لنا ما هو الصواب

GMT 02:38 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

زيادة طفيفة في التأييد العام للسيدة الأولى ميلانيا ترامب

GMT 07:13 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية السبت

GMT 17:45 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يربك حسابات المغرب التطواني ويبعثر أوراق فرتوت

GMT 15:58 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال شخص في ثغر مليلية بتهمة الترويج لـ"داعش"

GMT 14:08 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس المجلس الإقليمي للناظور يوزع خمس سيارات للنقل المدرسي

GMT 17:53 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

مشروب "الشعير المغلي" لخسارة دهون البطن في أسبوع

GMT 04:59 2015 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جزر تايلاند الوجهة المفضلة للسيّاح في جنوب شرق آسيا

GMT 06:10 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

الشاعرة المغربية الشاوي بشرائيل تزور اسرائيل برأس مرفوع

GMT 01:01 2015 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

أرجل الدجاج تعالج ارتفاع ضغط الدم

GMT 20:20 2016 السبت ,12 آذار/ مارس

المشمش غني بالعناصر والأملاح المعدنية

GMT 08:22 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الموقفين في جريمة حمزة الشايب يرشدون على هوية صاحب المهمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca