الأقلام المأجورة لا تمارس الصحافة

الدار البيضاء اليوم  -

الأقلام المأجورة لا تمارس الصحافة

عبد العلي حامي الدين

اليوم العالمي للصحافة هو مناسبة للوقوف عند مدى الالتزام الحكومي بحرية الصحافة والتأكيد على أخلاقيات المهنة وتكريم الصحافيين المهنيين الذين كان لهم عطاء استثنائي.
منذ 1993 والعالم يُحيي هذا اليوم وتتجدد المطالب بضرورة التزام الحكومات بحرية التعبير والصحافة باعتبارهما من الحقوق الأساسية، ومن مستلزمات الدولة الديموقراطية الحديثة.
في المغرب، لا أحد ينكر التقدم الملموس في حرية الصحافة، لكن مع ذلك فهناك خلل ما..
منظمة «فريدوم هاوس» قالت إن حرية الصحافة في العالم تراجعت إلى أدنى مستوياتها في 2013، وصنفت 197 دولة حول العالم ما بين «حرة» و»حرة جزئيا» و»غير حرة»..
ووفق تقرير للمنظمة، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، تصدرت موريتانيا الدول العربية في حرية الصحافة، بحلولها في الترتيب الـ95 ضمن الدول «الحرة جزئيا»، تلتها أربع دول وقعت أيضا في تصنيف الدول «الحرة جزئيا»، وهي: تونس (الرتبة 112)  ولبنان (112) والجزائر (127) والكويت (127).
فيما صنفت 15 دولة عربية كـ»دول غير حرة»، بحسب تقرير المنظمة، وهي: ليبيا (134)، المغرب (147)، قطر (152)، مصر (155)، الأردن (155)، العراق (157)، عمان (161)، جيبوتي (164)، الإمارات (167)، اليمن (167)، السودان (176)، الصومال (179)، السعودية (181)، البحرين (188)، سوريا (189).
ولم تدخل دولتان عربيتان التصنيف وهما جزر القمر وفلسطين.
وبصفة عامة، أحصت منظمة «فريدوم هاوس» 63 دولة «حرة» و68 «حرة جزئيا» و66 «غير حرة»، من أصل 197 دولة خضعت للدراسة.
وحلت هولندا والنرويج والسويد في المرتبة الأولى بالنسبة إلى حرية الإعلام، أما كوريا الشمالية (197)، فاحتلت المرتبة الأخيرة وراء تركمانستان (195) وأوزبكستان (195).
وأظهر تقرير «فريدوم هاوس»، التي تجري تحقيقات سنوية منذ عام 1980 في هذا المجال، أن 14% من السكان في العالم فقط، يصلون إلى صحافة «حرة»، أي شخص واحد من أصل سبعة.
ولفت التقرير إلى أن 44% من سكان العالم يعيشون في مناطق لا تتمتع فيها الصحافة بـ»الحرية»، و42% في مناطق تتمتع فيها وسائل الإعلام بـ»حرية جزئية»..
وبالرجوع إلى حالة المغرب، هناك بالفعل خلل ما، فالإعلام المرئي لا تتحكم فيه الحكومة ولا يمكن اتهام وزير الاتصال بأنه يحد من حرية التلفزيون المغربي، ولكن القنوات التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تبقى من القلاع المحصنة التي لم تنخرط بعد في ديناميكية التحول الديموقراطي، وتطغى عليها وجهة نظر رسمية في تعاطيها مع المادة الخبرية، أما الصحافة المكتوبة فيظهر بأن معظمها رهينة في يد المال والأعمال وهو بدوره خارج مجال تحكم السلطة التنفيذية في شقها الحكومي..
بدون شك، أن من الأسباب التي تجعل المغرب يحتل مرتبة متأخرة في الترتيب العالمي هو غياب الاستقلالية لدى العديد من المؤسسات الصحافية، وهو ما يعني أن دورها في معظم الأحايين يكون مرتبطا بمواقف السلطات الرسمية أو بجماعات المصالح التي تسهر على تمويل المقاولات الصحافية مقابل الالتزام بأجندة سياسية معينة.
من الأسباب أيضا، تخلف البيئة القانونية لاشتغال المقاولات الصحافية ولاشتغال الصحافيين وهو ما يدعو إلى التعجيل بإخراج القوانين ذات الصلة بما يسهم في صيانة حرية الصحافة وتعزيزها وتوفير الضمانات القانونية لحمايتها.
المشهد الإعلامي يحتاج إلى الكثير من النضج قصد الإعلاء من قيمة المهنة وتعزيز مكانتها في وسط لازال يتلمس طريقه نحو الديموقراطية، ولذلك حينما تتخصص بعض الجرائد وبعض الأقلام في تزييف الحقائق أو افتعال وقائع غير موجودة أصلا، فإنها تسهم في تعميق أزمة  الديموقراطية في البلاد، وتزيد في خلق الالتباس والغموض لدى المواطن..
النقاش الحقيقي الذي ينبغي أن يطرح اليوم هو: كيف تستطيع الصحافة الحرة أن تحافظ على مصداقيتها وتحرص على ضمان الحد الأدنى من الاستقلالية والجرأة، احتراما لحق المواطن في إعلام ذو مصداقية، وكيف تستطيع أن تنخرط إيجابيا في مرحلة سياسية عنوانها الكبير هو: إسقاط الفساد والاستبداد..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأقلام المأجورة لا تمارس الصحافة الأقلام المأجورة لا تمارس الصحافة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca