دلالات وأبعاد خطبة الفيزازي

الدار البيضاء اليوم  -

دلالات وأبعاد خطبة الفيزازي

عبد العلي حامي الدين

لم تكن خطبة الفيزازي أمام الملك محمد السادس نبتة حائطية، ولا قرارا عفويا بدون سابق تفكير.. الأبعاد السياسية لهذه الخطبة تبدو واضحة وهي: أن الملك محمد السادس ليس له مشكل مع الاتجاهات السلفية التي راجعت بعض مواقفها الفكرية والسياسية، ومعلوم أن الشيخ محمد بن محمد الفيزازي، وهو معتقل سابق قضى تسع سنوات على خلفية تصريحات اعتبرت بمثابة تأييد للإرهاب، سبق له أن عبر عن مراجعات عديدة تتعلق بنبذ العنف وتصحيح مفهوم الجهاد بالإضافة إلى الموقف من النظام الملكي ومن إمارة المؤمنين ومن الانتخابات والعمل السياسي في إطار الديموقراطية الحديثة.. وقد سبق له أن استفاد من عفو ملكي إلى جانب كل من عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص)، وحسن الكتاني، وعمر الحدوشي.. الأبعاد السياسية لهذه الخطوة تعني أن الدولة ليس لها مشكل مع أمثال الشيخ محمد بن محمد الفيزازي وهي مستعدة لفتح صفحة جديدة معهم.. بدون شك هناك وعي عميق داخل العديد من المسؤولين بأن أخطاء عديدة ارتكبت في حق أبناء هذا التيار، وآن الأوان لبداية صفحة المصالحة معهم.. أرضية المصالحة ينبغي أن تستند إلى الاعتراف الواضح بالانتهاكات، وقد سبق للدولة أن عبرت بأن هذا الملف شابته بعض التجاوزات، لكن عليها أن تستند أيضا على نبذ العنف والاستعداد للاندماج الإيجابي في المجتمع.. من خلال الإشارة الملكية الأخيرة يبدو بأن الكرة في يد السلفيين للتعبير عن مواقف واضحة، وإذا ظهر بأن هناك إشارة من طرف هذا التيار، فإن المطلوب أن ترد الدولة التحية بأحسن منها.. لقد سبق لبعض الجمعيات الحقوقية أن أطلقت مبادرة تشاورية حول هذا الملف، في محاولة لإيجاد تسوية شاملة ومتعددة المستويات ومتوافق عليها بخصوص السلفيين المعتقلين في إطار قانون مكافحة الإرهاب، وهي تسوية ينبغي أن تكون تتويجا لمسار تشاوري بين مختلف الفاعلين المعنيين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بتدبير هذا الملف، على مستوى الدولة من وزارات ومؤسسات وطنية ذات صلة بالملف، وعلى مستوى الفاعلين  بالأحزاب السياسية، والهيئات العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكامة السياسية، وكذلك على مستوى التيار السلفي، من سلفيين شيوخ وتعبيرات وممثلي المعتقلين ضمن هذا التيار. وتهدف هذه المبادرة، إلى التدرج في إعمال مقاربتها من خلال أربعة مستويات وهي:   تطبيع تمتيع باقي المعتقلين على مستوى وضعيتهم بالسجن، بالحقوق والواجبات كما هي متعارف عليها في القانون وفي المعايير الدولية ذات الصلة، وإعمال مبدأ التأهيل الاجتماعي والمصالحة، مع المعتقلين السلفيين المفرج عنهم.. وتوفير الدعم في اتجاه الاندماج في الحياة العامة والعمل على التأسيس لسياسة تصالحية لتصحيح الوضع المتوتر بين الأطراف ذات الصلة بهذا بالملف؛ والعمل على إطلاق سراح معتقلي السلفية ممن لم يتورط في العنف وفي جرائم الدم.. الإشارة الملكية الأخيرة تعني أن المقاربة التصالحية، هي مقاربة ممكنة، وهي قادرة على امتصاص التوترات والتقاطبات الحادة التي تحيط بهذا الملف، وإعطاء كل ذي حق حقه بدون إفراط أو تفريط...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دلالات وأبعاد خطبة الفيزازي دلالات وأبعاد خطبة الفيزازي



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca