وعي سياسي جديد

الدار البيضاء اليوم  -

وعي سياسي جديد

بقلم : عبد العالي حامي الدين

لا أعتقد بأن الحملات التي قادتها عدة جهات ضد العدالة والتنمية قبل الانتخابات الأخيرة كانت صدفة (الإعلام، الباطرونا، مسيرة الدار البيضاء، مواقف بعض النقابات، القضايا الأخلاقية، بعض أعوان السلطة..)، وإنما كانت تعبيرا عن إرادة معاكسة للتحول الديمقراطي في البلاد.
فمنذ تشكيل الحكومة المنتهية ولايتها وهي تواجه حملات إعلامية منسقة، عملت على تبخيس عملها والتشويش على مشاريعها، وازدادت هذه الحملات الدعائية شراسة بعد نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية التي شكلت نتائجها صدمة لخصوم هذه التجربة. وتضاعف هذا الاستهداف قبيل انتخابات أعضاء مجلس النواب، بدءا بتفجير الحوار الاجتماعي من الداخل، وفبركة العديد من الاحتجاجات الاجتماعية وتخصيص عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية لإثارة العديد من القضايا الشخصية من منظور فضائحي مفتعل، بالإضافة إلى تنظيم مسيرة غريبة عن السياق السياسي المغربي، فشلت في النهاية وانقلبت لصالح العدالة والتنمية، وكشفت عن خطأ التحليلات التي لا تساير التطور العميق الذي يعرفه المجتمع المغربي، ولم يعد من الممكن “استحماره” لخدمة أجندات الفساد والاستبداد.
لقد فشلت هذه الحملات، والدليل هو نتائج انتخابات 7 أكتوبر التي بوأت حزب العدالة والتنمية الرتبة الأولى بـ125 مقعدا، وهو رقم قياسي في تاريخ الانتخابات المغربية. سبب هذا الفشل ساهمت فيه عدة عناصر، فبالإضافة إلى الصلابة التنظيمية التي أبداها حزب العدالة والتنمية واستماتته في الدفاع عن اختياراته، فإن الدور الأكبر كان للوعي السياسي والثقافي الذي أبان عنه الناخب المغربي الذي اختار التصويت بكثافة ضد هذه الحملات، محطما بذلك جميع التكهنات التي كانت تراهن على إغلاق قوس الربيع الديمقراطي والعودة إلى مربع التحكم.. لقد كان لهذه الحملات مفعول عكسي ودفعت بعدد كبير من المواطنين والمواطنات إلى التصويت بكثافة لفائدة العدالة والتنمية، ليس اقتناعا – بالضرورة – ببرنامجه الانتخابي، وإنما دفاعا عن معقولية العملية الانتخابية وانتصارا لكرامة الصوت الانتخابي..
ما لا يدركه القائمون وراء هذه الحملات أن المجتمع المغربي يعرف تحولات عميقة، مست بالقواعد الكلاسيكية لضبط السلوك الانتخابي والتحكم في الوعي السياسي للمواطن البسيط.
لقد لعب الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي دورا حاسما في فضح هذه الحملات والكشف عن خلفياتها المهددة للمسار الديمقراطي، كما كشف عن حجم المصالح التي تختبئ وراءها ونوعية العلاقات المشبوهة التي تربط بين بعض مراكز النفوذ وبين بعض وسائل الإعلام التي فقدت مصداقيتها وفقدت كل شيء.
إن محاولة ضبط وسائل التعبير الاجتماعي والتفكير في إمكانية التحكم فيها بواسطة الأطر التنظيمية التقليدية يستبطن عجزا خطيرا عن فهم التحولات العميقة التي يعرفها المجتمع المغربي وجهلا فظيعا بدرجة انتشار الإعلام الجديد، وتغلغله في أوساط الشباب وفي العالم القروي ووسط “الإلترات” الرياضية وغيرها من الفئات غير المؤطرة حزبيا، ولكن كلمتها في الانتخابات الأخيرة كانت حاسمة في اتجاه الانتصار إلى منطق العدل والحريّة والديمقراطية، بحثا عن ممارسة سياسية نبيلة تنقلنا إلى مصاف الدول التي تحترم مواطنيها، ولا تدفع بالمقدم والشيخ للقيام بحملة انتخابية لفائدة حزب سياسي مصطنع..
أفيقوا يرحمكم الله..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وعي سياسي جديد وعي سياسي جديد



GMT 00:07 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

المغرب والجزائر.. واتحاد المغرب العربي

GMT 00:07 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

صحافة التشهير لا تواجه بالتشهير

GMT 05:51 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

قضية الصحراء والمنعطفات الخطيرة

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 08:15 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

قضية بوعشرين.. البراءة هي الأصل

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca