هل أوشك "أبو علي بوتين" على إطلاق القذيفة الأُولى لبدء الحرب على أوكرانيا؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل أوشك أبو علي بوتين على إطلاق القذيفة الأُولى لبدء الحرب على أوكرانيا

الكاتب عبد الباري عطوان
بقلم ـ عبد الباري عطوان

عندما تسحب الإدارة الأميركيّة عائلات دبلوماسيّيها من أوكرانيا، و"يُبَشِّر" أنتوني بلينكن وزير خارجيّتها الشعب الأوكراني بالاستِعداد لمُواجهة أيّام صعبة أثناء زيارته للبلاد قبل أيّام معدودة، ويدعو رئيس البلاد فولوديمير زيلينسكي مُواطنيه إلى الخوف وليس الهلع من تطوّرات الأوضاع على حُدود بلادهم مع الجار الروسي الشمالي، فمن الطبيعي أن يتوقّع الكثيرون بأنّ البلاد مُقبلةٌ على حربٍ ضروس، يُعبّرون عن هذه التوقّعات المُرعبة بتخزين المواد الغذائيّة تَحَسُّبًا للأسوأ.
الحُلول الدبلوماسيّة للأزمة الأوكرانيّة وصلت إلى طريقٍ مسدود بعد انهِيار مُفاوضات جنيف، واللّقاء الافتِراضي بين الرئيسين فلاديمير بوتين، والأميركي جو بايدن، ومُحاولة الإنقاذ الأخيرة التي تمثّلت في لقاء وزير خارجيّته سيرغي لافروف ونظيره الأميركي بلينكن، وبات الخِيار العسكري هو الأكثر ترجيحًا حتّى كتابة هذه السّطور إن لم تحدث مُعجزة.
الغزو الروسي لشرق أوكرانيا بات وشيكًا، ومُتَوقَّعًا في أيّ لحظة، فالحُشودات الروسيّة على الحُدود الأوكرانيّة مُستمرّة، وتجاوزت المِئة ألف جندي، مُعزّزَةً بآلاف الدبّابات وبطاريّات الصّواريخ، بينما تتدفّق الأسلحة والمعدّات الثقيلة والصّواريخ على أوكرانيا من بريطانيا وفرنسا ودول البلطيق.
الولايات المتحدة ترفض مطالب موسكو بضمانات مكتوبة بعدم انضِمام أوكرانيا وجورجيا إلى حلف “النّاتو”، وسحب صواريخها من رومانيا وبلغاريا العُضوين البارزين في حِلف وارسو “المرحوم”، ولهذا لا يرى أيّ خِيار آخَر غير غزو شرق أوكرانيا وفصله عن حُكومتها، وإقامة دولتين انفِصاليتين تضمّان مُعظم النّاطقين باللّغة الروسيّة على غِرار ما فعَل في جورجيا.
ما يُقلِق الغرب، أن روسيا بوتين غزت أوكرانيا مرّتين في السّنوات العشر الماضية، الأُولى في شِبه جزيرة القرم، والثانية في إقليم دونباس الشرقي، ومن يفعلها مرّتين، لن يتردّد في الإقدام على الثّالثة، أو هكذا يعتقد الكثير من المُراقبين الغربيين.
الانقِسام الأوروبي الذي تقوده المانيا ضدّ أيّ حُلول عسكريّة مع روسيا أظهر أوروبا ضعيفةً وغير قادرة على حماية نفسها بعيدًا عن الهيمنة الأميركيّة، وهذا نجاحٌ كبير للرئيس بوتين الذي فجّر هذا الخِلاف.
الرئيس بوتين الذي يعتبر نفسه الوريث الشّرعي للاتّحاد السوفييتي، ولا يُمكن أن يغفر الهزيمة الكُبرى التي ألحقها حلف “النّاتو” وأعضاءه ببلاده بما أدّى إلى انهِيار الإمبراطوريّة السوفييتيّة وتفسّخها، وبيع شركاتها وبُناها التحتيّة بأرخص الأثمان، وتجويع شعبها، ولهذا لا يُريد تِكرار هذا السّيناريو مجدّدًا، وتواصل انفِصال الجمهوريّات السوفييتيّة السّابقة عن موسكو والانضِمام إلى المُعسكر الغربي سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا، وتعريض امبراطوريّته الروسيّة للحِصار والتّجويع مجدّدًا.
إرسال بوتين 2500 جندي بمَعدّاتهم الثّقيلة إلى كازاخستان لإحباط الاحتِجاجات التي تُريد الإطاحة برئيسها الصّديق كان جرس إنذار للجُمهوريّات الآسيويّة والأوروبيّة السوفيتيّة السّابقة بأنّه سيُكرّر التدخّل نفسه في أيّ دولة تُحاول التمرّد على هيمنته، والانضِمام إلى مُعسكر الأعداء، ولعلّ حُشوداته العسكريّة على حُدود أوكرانيا الشرقيّة الدّليل الأبرز على حديثه.
السُّؤال الذي يطرح نفسه بإلحاحٍ هو عمّا إذا بات الاجتِياح الروسي لأوكرانيا وشيكًا؟ وكيف سيكون ردّ الفِعل الأميركي الاوروبي في هذه الحالة؟
الجواب جاء على لسان الرئيس الامريكي بايدن عندما هدّد بأنّ الرّد سيكون فرض عُقوبات اقتصاديّة غير مسبوقة على روسيا وعزلها من خِلال حِصارٍ شرس سيتم فرضه عليها، وتُشير مُؤشّرات أوّليّة بأنّ أبرز هذه العُقوبات المُتوقّعة خفض مُشتريات الغاز الأوروبيّة من روسيا بنسبة 43 بالمِئة، والنفطيّة بنسبة 20 بالمِئة، بما يُؤدّي إلى توجيه ضربة شبه قاسمة للخزينة الروسيّة، بالإضافة إلى طرد موسكو من منظومة “سويفت” الماليّة العالميّة.
الرئيس بايدن وجّه دعوةً إلى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر لزيارة واشنطن، ليبحث معه مدّ أنابيب غاز قطري لتوفير الاحتِياجات الأوروبيّة، ويكون بديلًا عن أنبوب غاز “نورد ستريم” الروسي، وما زال من غير المعروف ردّ فِعل الدولة القطريّة على هذا الطّلب المُتوقّع، فالقُبول يعني إغضاب موسكو والرئيس بوتين، والوقوف في خندق أعدائه والرّفض يعني إغضاب الإدارة الأميركيّة التي تملك قاعدة العيديد العسكريّة الأضخم في مِنطقة الخليج والشّرق الأوسط.
نصيحة إلى الحُكومات العربيّة، والخليجيّة منها تحديدًا، بعدم التّعويل كثيرًا على أيّ حِماية أمريكيّة لها في المُستقبل المنظور على الأقل، ونحن نتحدّث هُنا عن التحالف السعودي الإماراتي في حرب اليمن تحديدًا، فأمريكا ستكون مشغولة جدًّا في الأسابيع والأشهر المُقبلة ولا يُوجد لديها أيّ وقت لمشاكلهم، وعليهم أن يُقلّعوا شوكهم بأيديهم مع إيران أو غيرها.. واللُه أعلم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل أوشك أبو علي بوتين على إطلاق القذيفة الأُولى لبدء الحرب على أوكرانيا هل أوشك أبو علي بوتين على إطلاق القذيفة الأُولى لبدء الحرب على أوكرانيا



GMT 15:39 2022 السبت ,19 شباط / فبراير

قرارات المجلس المركزي نحو المتابعة والتنفيذ

GMT 05:42 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

ما يقول الإنكليز عن أنفسهم

GMT 18:21 2021 الإثنين ,15 آذار/ مارس

البابا فرنسيس في العراق

GMT 20:55 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

شعر للأهوازي والمتنبي وغيرهما

GMT 19:28 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca