«يوم التأسيس» إعادة الاعتبار لـ«الدولة»

الدار البيضاء اليوم  -

«يوم التأسيس» إعادة الاعتبار لـ«الدولة»

سوسن الشاعر
بقلم : سوسن الشاعر

إنه مشروع ضخم ذلك الذي تعنى به المملكة العربية السعودية وإحدى أدواته الاحتفاء بيوم التأسيس، إنما المشروع أشمل وأكبر، ويضم تحت مظلته عملاً جباراً تخوضه جميع المؤسسات لإعادة الاعتبار «للدولة».
وللعلم أربع من دول الخليج العربي مضى على أسرها الحاكمة ما يقارب الثلاثة القرون ومستمرون إلى يومنا هذا، هم آل سعود في المملكة العربية السعودية منذ 1727م، وآل الصباح في دولة الكويت منذ 1756م، وآل خليفة في مملكة البحرين منذ 1783م، وآل البوسعيد في سلطنة عمان منذ 1744م، وضعوا حجر أساس «للدول» بحدودها السيادية وبنظمها وبمؤسساتها التي تطورت سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، أي أن عمر هذه الدول وحكمها يزيد عن عمر استقلال الولايات المتحدة الأميركية الذي حدث 1776م على سبيل المثال.
ولم يخطر على بال أي من الأجداد أننا كدول سنضطر إلى أن نبين ونوضح ونسلط الضوء على ما تعنيه «الدولة» ككيان سياسي، يشمل الأرض والشعب ونظاما سياسيا برابط أو عقد اجتماعي أو ما نسميه نحن بخصوصيتنا (البيعة)، فقد ظننا أن قيمة هذا الكيان وأهميته للعيش والسلام والاستقرار والتنمية مسألة بديهية، لا تحتاج لتوضيح لولا المهددات والمستجدات.
لذلك حين تحتفي المملكة العربية السعودية بـ«يوم التأسيس» فإنها تسلط الضوء على هذه الحقيقة التي حاول الكثير طمسها أو القفز عليها، وتعيد الاعتبار من جديد للإعجاز الحضاري العربي والإسلامي الذي نجح في توحيد هذه الرقعة الجغرافية الممتدة على مساحة مليوني كيلومتر مربع، أي ما يعادل مساحة فرنسا وبريطانيا وألمانيا مرتين!! والحافلة بالتنوع الجغرافي والحضري والقبلي تحت راية واحدة.
وحري بجميع هذه الدول أن تعيد الاعتبار لتلك الحقائق التاريخية الدامغة التي تؤكد شرعية الحكم التاريخية، وتؤكد امتداد هذا الكيان السياسي الذي تأسس طوال هذه القرون، حتى لا يستهان بدولنا اعتقادا منهم أننا أبناء الأمس.
إن الاستهانة بالمهددات أخرت وأجلت وربما غيبت عنا ضرورة غرسها في الذهنية والذاكرة الوطنية، تلك المهددات التي تغلغلت للداخل في جميع هذه الدول عن طريق الجماعات التي تدثرت بالدين، وعملت على تحطيم كل ما له علاقة «بالدولة» كي تذيب الحواجز، وتجعل الهوية الوطنية عائقا لا بد من إزاحته أمام الهوية الجامعة، فحالوا بين المواطن وهويته الوطنية، فلا احتفاء بعلم ولا بنشيد وطني ولا بيوم وطني، ووضعوا أنفسهم صنوانا للحكم بحجة المرجعية للشرع وجعلوا من أنفسهم ومرشديهم مرجعية، منعوا العناية بالآثار التاريخية، خلطوا الزي بين ما هو عائد للإرث، وبين ما هو قادم من الشرق حتى تماهت الهويات فلم يعد للدولة رمزيتها ولا صورتها المعكوسة في الذهنية واضحة المعالم.
تحت غطاء الدين والمذهب ضاعت الهوية الوطنية، وتحولت إلى عائق وعاشت الأجيال صراع الهويات بأبشع صورها، ولم تشأ الدولة حينها التصادم مع هذه الجماعات، فقط كانت تحاول أن تخفف من حدة هذا الصراع والاقتناع بأنه لا تضاد بينها، إلى أن كشفت تلك الجماعات عن وجهها وبينت أهدافها من دون مواربة بأنها تسعى إلى إسقاط «الدولة» وليس فقط محو هويتها، حينها بات الأمر مسألة بقاء وصمود، واحتاج الأمر إلى إعادة الاعتبار لكل ما هدم وطمس لتكون «الدولة» و«هويتها» الجامعة والقاسم المشترك بين جميع الأفراد فيها من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها، ويكون العمق التاريخي لها مصدر فخر واعتزاز لأبناء هذه الدول بجميع تنوعاتهم المذهبية والعرقية.
والأهم أن هذا البُعد التاريخي غاب حتى عمن يتعامل معنا، حتى اعتقدت دول غربية أننا دول تأسست بفضلها.
لقد كانت كلمة وزير الخارجية السابق عادل الجبير «نحن لسنا جمهورية موز» للحكومة الكندية عام 2018، دليلا على الحاجة لتنبيه المجتمع الدولي برُمته أن يعرف تاريخ هذه الدولة، وعمرها وما يعنيه هذا الامتداد والبقاء والصمود طوال هذه الفترة رغم كل الظروف الصعبة التي مرت بها مراحل التأسيس.
لقد أسس الأجداد هذه الدول ولم يكن هناك أي من آثار الموارد الطبيعية غير شحها، وبنوها وعمروها وأقاموا دعائمها، وبينهم وبين أهل هذه الأرض بيعة في الرقاب لمدة تقارب القرون الثلاثة.
تلك هي الرسالة القوية ذات الأهمية القصوى، التي جعلت من الاحتفاء بيوم التأسيس رسالة للداخل والخارج بأن من يتعامل مع «الدولة» عليه أن يعرف تاريخها ويحترم هويتها الوطنية، وحري بأبنائها الفخر والاعتزاز بها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«يوم التأسيس» إعادة الاعتبار لـ«الدولة» «يوم التأسيس» إعادة الاعتبار لـ«الدولة»



GMT 20:42 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً

GMT 20:40 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

كي لا تسقط جريمة المرفأ بالتحايل

GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 18:19 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 12:52 2013 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

هل الدكتور دكتور والمهندس بالفعل مهندس؟

GMT 00:29 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مشاحنات في جنازة سعيد بونعيلات بين عائلته ورفاقه

GMT 20:49 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 05:23 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات فساتين للمحجبات من أسبوع الموضة في نيويورك

GMT 22:09 2015 الثلاثاء ,17 شباط / فبراير

افتتاح فرع جديد من "المطعم البلدي" في مراكش

GMT 02:51 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

شاب هندي يعاني من مرض الشيخوخة المبكرة

GMT 23:51 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل "اجتماع الأزمة" بين أبرشان ولاعبي اتحاد طنجة

GMT 20:35 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تطورات جديدة في قضية لطيفة رأفت ضد رئيس الوزراء المغربي

GMT 09:16 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بلاك شاينا أنيقة خلال توزيع جوائز "BET Hip Hop"

GMT 08:03 2018 الإثنين ,14 أيار / مايو

طرق وخطوات تطبيق "الأيلاينر الأومبري"

GMT 17:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تدريبات خاصة ليوسف القديوي لاستعادة لياقته البدنية

GMT 22:47 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

حلم كأس العالم يعود يا إماراتيون

GMT 17:10 2015 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فجر السعيد تضع حدا للخلاف مع الفنانة الإماراتية أحلام

GMT 03:22 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام البورقادي وصيفة لبطلة العالم في الكيك بوكسينغ

GMT 00:45 2017 الأحد ,24 أيلول / سبتمبر

ياسر المصري يوضح أن شخصية الزعيم ثرية جدا
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca