عندما تخسر إيران يصرخ نصر الله!

الدار البيضاء اليوم  -

عندما تخسر إيران يصرخ نصر الله

سوسن الشاعر
بقلم : سوسن الشاعر

إذا استمر التحالف العربي متقدماً متمسكاً بحقه الشرعي في الدفاع عن المملكة، بالاستراتيجية ذاتها التي هو عليها الآن، فإننا نتوقع أن الأمين العام لـ«حزب الله» سيزيد من ظهوره العلني في الأيام القادمة، وسيزيد من جرعة الهجوم على المملكة العربية السعودية؛ إذ كشف خطاب حسن نصر الله الأخير حجم الضغط الذي تتعرض له إيران تحديداً على أكثر من جبهة، فالخطاب لا علاقة له بلبنان، ولا علاقة له بذكرى قاسم سليماني. الخطاب ركز على مهاجمة رأس الحربة الذي يتصدى للمشروع الإيراني، لذلك انتهز الحلف الإيراني العربي فرصة الذكرى السنوية للهجوم على المملكة، كما فعلت «حماس» عبر الكلمة التي ألقاها محمود الزهار، وكذلك فعلت الميليشيات العراقية الإيرانية. جميعهم وجهوا سهامهم للمملكة العربية السعودية، وهذا هو أساس الموضوع، فالضغوط التي تتعرض لها إيران، عجز حتى حلفاؤها الغربيون عن السيطرة عليها أو التخفيف منها، فالاستراتيجية التي تنتهجها المملكة حالياً لا تعيقها تلك الضغوط.
إيران تعاني من ضغوط كثيرة على أكثر من جبهة؛ فعلى صعيد الجبهة الداخلية، الجفاف من جهة أدى إلى نزوح أعداد كبيرة للعاصمة، وبحسب «بلومبرغ»، ليس هناك دليل على مدى حدة الوضع أوضح من جفاف نهر زاينده رود، فبدلاً من أن يمتلئ مجراه بالمياه، غمر آلاف من المحتجين المجرى الجاف الشهر الماضي، احتجاجاً على إدارة الدولة لموارد المياه، خلال أسوأ موجة جفاف منذ عقود. وأظهرت مقاطع فيديو جرى تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، تدخل قوات الأمن بالهراوات لقمع المحتجين، ما أدى إلى وقوع إصابات بينهم. («العرب الاقتصادية»، 21 ديسمبر/ كانون الأول 2021).
وهناك احتجاجات المدرسين المستمرة على ضعف رواتبهم، الذي جعل هذه الشريحة تحت خط الفقر؛ إذ يبلغ دخل المعلم الشهري 210 دولارات فقط، في حين أن خط الفقر حُدد في إيران بـ370 دولاراً. أضف إلى ذلك أزمة الحرائق والمناوشات التي على الحدود مع «طالبان»، وعلى أكثر من جبهة حدودية.
المفاوضات في فيينا بدأت تطول أكثر مما توقعت إيران، والمجتمعون يضغطون على النظام الإيراني لإبداء بعض المرونة، ولكن المرشد يتعنت أكثر، ويرفض التنازل. ربما بحكم السن أصبح غير مدرك لما آلت إليه الأمور. وفي تلك الإطالة يتململ الشعب الإيراني الذي كان يرى في تلك المفاوضات الأمل الوحيد لرفع العقوبات والتنفس من جديد. خسائر إيران خارج حدودها بدأت تضغط أكثر، وتتطلب مزيداً من التدخلات المكلفة على إيران، فليس هناك موقع وصلت له إيران إلا ويتطلب مزيداً من الأسلحة الآن، ومزيداً من زج القوات التي تحتاج إلى تكلفة تشغيلية. فعلى صعيد الجبهة اليمنية يبدو الحوثي في تقهقر، ويتعرض لخسائر كبيرة، بعد أن تغيرت الاستراتيجية السياسية والعسكرية التي يتعامل بها التحالف معه، والتي كانت تراعي التدخلات الدولية في كل مرة، ما يجعل الحوثي يلتقط أنفاسه. تغيير الاستراتيجية بأخذ زمام المبادرة، وعدم الالتفات للنداءات التي عجزت عن إجبار الحوثي على الجلوس على طاولة المفاوضات، هو الذي غير موازين القوى تماماً على الأرض لصالح التحالف، فأصبح اليمن الجبهة التي تتراجع فيها القوى الإيرانية تراجعاً مخزياً، وجاءت ضربة التحالف التي أصابت الحاكم الفعلي للحوثيين، حسن إيرلو، في الذكرى السنوية لمقتل قاسم سليماني، لتزيد الأوجاع الإيرانية وجعاً جديداً، وكأس سم جديدة يتجرعه مرشدهم الأعلى.
في العراق، جاءت نتائج الانتخابات بعد ثورة الجنوب على التدخلات الإيرانية تضعضع تلك الجبهة، التي اعتبرتها إيران في الجيب، واعتقدت بأنها أمّنتها، فإذا بالشعب العراقي يثور كما يفعل السوريون، وكما يفعل اللبنانيون، ضد الاحتلال الإيراني.
أما في سوريا، فهناك تواطؤ روسي - إسرائيلي، يجبر الإيرانيين على التراجع عن مواقع عديدة، كانت إيران قد اعتبرتها مؤمّنة، وضمن طريقها الذي يصل بينها وبين البحر المتوسط؛ فإذا بالضربات الإسرائيلية التي وقعت بضوء أخضر روسي، تجبرها على التراجع وإعادة التموضع من جديد.
أما على صعيد الجبهة اللبنانية، فإن الاستراتيجية التي اعتمدتها المملكة العربية السعودية، بترك لبنان من دون تدخل، تركت «حزب الله» وأمينه العام في مواجهة الشعب اللبناني، وتحميله مسؤولية التدهور الحاصل في الأوضاع المعيشية.
جميع تلك الضغوط على النظام الإيراني، هي التي أجبرت حسن نصر الله على الخروج علناً، والتهجم على المملكة العربية السعودية، مما أثر على قدرته على التماسك وادعاء الهدوء، فجاء خطابه عدائياً بشكل لم يترك مجالاً لرئيس الجمهورية ليغطي عليه أو يبرره، كما فعل مع وزرائه، حتى اضطر جبران باسيل للرد عليه.
الخسائر الإيرانية هي التي تسببت في حالة الاضطراب الشديدة، وهي التي دفعته إلى إغراق لبنان أكثر ودفعه إلى عقر جهنم، كما وصف الدكتور سمير جعجع خطاب حسن نصر الله الأخير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما تخسر إيران يصرخ نصر الله عندما تخسر إيران يصرخ نصر الله



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca