«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (6)

الدار البيضاء اليوم  -

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين 6

مشعل السديري
بقلم : مشعل السديري

أمير المؤمنين (سليمان بن عبد الملك) يقال: إن رجلاً دخل عليه فقال: يا أمير المؤمنين أنشدك الله والأذان، فقال سليمان: أما أنشدك الله فقد عرفناه، فما الأذان؟ قال: قوله تعالى: (فأذن مؤذن بينهم: أن لعنة الله على الظالمين).
فقال سليمان: ما ظلامتك؟ قال: ضيعتي الفلانية غلبني عليها عاملك فلان، فنزل سليمان عن سريره ورفع البساط ووضع خده على الأرض وقال: والله لا رفعت خدي من الأرض حتى يكتب له برد ضيعته، فكتب الكتاب وهو واضع خده على الأرض ولما سمع كلام ربه الذي خلقه وخوله في نعمه خشي من لعن الله وطرده، رحمه الله.
كما دخل (يزيد بن أبي مسلم) - وهو خادم الحجاج وكاتبه - على سليمان بن عبد الملك، فقال: على امرئ أوطاك وسنه وسلّطك على الأمة لعنة الله، فقال: يا أمير المؤمنين إنك رأيتني والأمر مدبر عني ولو رأيتني والأمر مقبل عليّ لعظم في عينك ما استصغرت مني، قال: أتظن الحجاج استقر في قعر جهنم أم هو يهوي فيها؟ قال: يا أمير المؤمنين إن الحجاج يأتي يوم القيامة بين أبيك وأخيك، فضعه من النار حيث شئت.
وحيث إن أمير المؤمنين سليمان يحب اللباس الحسن، خرج يوم الجمعة في ولايته وتعطّر ودعا بمجموعة من العمائم المتنوعة، وبيده مرآة، فلم يزل يعمم بواحدة بعد واحدة، حتّى رضي منها واحدة فأرخى من سدولها وأخذ بيده مخصرة وعلا المنبر ناظراً في عطفيه، وخطب خطبته التي أرادها فأعجبته نفسه، وعندما رجع إلى قصره، أخذ يقول: أنا الملك الشاب، السيّد المهاب، الكريم الوهّاب، فسمعته إحدى جواريه وتعجب هو من نظراتها التي لم يستسغها فسألها قائلاً: كيف ترينني؟ قالت: أراك منى النّفس لولا ما قال الشاعر:
   

 

 

أنت نعم المتاع لو كنت تبقى غير ألا بقاء للإنسان
ليس فيما بدا لنا منك عيب يا سليمان غير أنّك فان

 

فدمعت عيناه وخرج على الناس باكياً، فلمّا فرغ دعا بالجارية، فقال: ما دعاك إلى ما قلت لي؟ قالت: والله ما رأيتك اليوم ولا دخلت عليك، فأكبر ذلك ودعا بقيّة جواريه فصدّقنها في قولها، فراع ذلك سليمان ولم ينتفع بنفسه، ولم يمكث بعد ذلك إلا مدّة قصيرة حتّى توفّي.
رحمه الله وهو: الخليفة الأموي السابع، ومدة خلافته لا تتجاوز السنتين وسبعة شهور.
ولا أملك إلا أن أقول: كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين 6 «وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين 6



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca