قاتل الله (اللجاجة)

الدار البيضاء اليوم  -

قاتل الله اللجاجة

مشعل السديري
بقلم - مشعل السديري

التاريخ يكتبه أحياناً (المدلسّون أو المزيفّون) – حسب الظروف ولمن تكون له الغلبة -، فالمحبّون لـ(هارون الرشيد) يقولون مثلاً: إنه كان يغزو سنة ويحج سنة، وهذا لا يستقيم مع المنطق والاهتمام بحكم الرعية، والكارهون له يقولون: إن تاريخه ممتلئ بالمجون - بمعنى (ساعة لربك وساعة لقلبك).

غير أن الواقع يقول: إنه (لا هذا ولا ذاك)، ولا أريد أن أدخل في (عش الدبابير)، ولكن إليكم فقط هذه (الطرفة) السوداء - واستخلصوا (الزبدة) منها:
فيقال: لما دخل المأمون على زبيدة ليعزيها في الأمين قالت: ما رأيك أن تسليني في غدائك اليوم عندي؟ فوافق، وأخرجت إليه من جواري الأمين من تغنيه فغنت: الطويل هم قتلوه كي يكونوا مكانه كما فعلت يوماً بكرى مرازيه، فوثب المأمون مغضباً، فقالت له: حرمني الله أجره إن كنت علمت أو دسست إليها فصدقها.
كما حكي أن المأمون مر يوماً على زبيدة أم الأمين، فرآها تحرك شفتيها بشيء لا يفهمه، فقال لها: يا أماه، أتدعين عليّ لكوني قتلت ابنك وسلبته ملكه؟ قالت: لا والله، فسألها: فما الذي قلتِه؟ قالت: يا ليتك تعفيني، فألح عليها وقالت له: قبح الله (اللجاجة)، وعاد يسألها: وكيف ذلك؟ قالت: لأني لعبت يوماً مع أمير المؤمنين الرشيد بالشطرنج على الحكم والرضا، فغلبني، فأمرني أن أتجرّد من أثوابي وأطوف القصر عريانة، فاستعفيته، وبذلت له أموالاً لا تحصى، فلم يعفُ عني، فتجرّدت من أثوابي وطفت القصر عريانة، وأنا حاقدة عليه، ثم عاودنا اللعب فغلبته فأمرته أن يذهب إلى المطبخ، فيطأ أقبح جارية فاستعفاني عن ذلك فلم أعفه، فتنازل لي عن خراج مصر والعراق، أبيت وقلت: والله لتطأنها، وأخذت بيده وجئت به إلى المطبخ، فلم أر جارية أقبح ولا أقذر ولا أشوه خلقة من أمك (مراجل)، فأمرته أن يطأها فوطئها فعلقت منه بك، فكنت سبباً لقتل ولدي وسلبه ملكه، فولّى المأمون الأدبار وهو يقول: قاتل الله اللجاجة، أي التي لج بها عليها حتى أخبرته بهذا الخبر – انتهى.
وبالمناسبة أتى شاعر للمأمون يوماً وقال له:
حياك رب الناس حياكا
إذ بجمال الوجه رقاكا
بغداد من نورك قد أشرقت
وورق العود بجدواكا
فأطرق ساعة ثم رد عليه:
حياك رب الناس حياكا
إن الذي أمّلت أخطاكا
أتيت شخصاً قد خلا كيسه
ولو حوى شيئاً لأعطاكا
فقال: يا أمير المؤمنين، الشعر بالشعر حرام، فاجعل بينهما شيئاً يستطاب، فضحك المأمون وأمر له بمال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قاتل الله اللجاجة قاتل الله اللجاجة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca