شيل ايدك جعلها الكسر

الدار البيضاء اليوم  -

شيل ايدك جعلها الكسر

مشعل السديري
بقلم - مشعل السديري

قديماً سأل سائل: من أجود الناس؟! فقال أحدهم: إنه (عبد الله بن جعفر)، وقال آخر: إنه (قيس بن سعد)، وقال ثالث: أجود الناس (عرابة الأوسي)، فتشاجروا في ذلك، فقال لهم: يمضي كل واحد منكم إلى صاحبه يسأله، حتى ننظر ما يعطيه ونحكم.
فقام صاحب عبد الله بن جعفر فصادفه في بعض أسفاره على فرسه، فقال: يا ابن عم رسول الله، أنا ابن سبيل منقطع أريد رفدك لأستعين به، وكان قد وضع رجله على ظهر فرسه فأخرجها وقال: خذها بما عليها، فأخذها، فإذا عليها مطارف وألف دينار.
ومضى صاحب قيس بن سعد فصادفه نائماً، فقرع الباب، فخرجت له جارية فقالت: ما حاجتك فإنه نائم؟ قال: ابن سبيل منقطع أتيت إليه يعينني على طريقي، فقالت له الجارية: حاجتك أهون عليّ من إيقاظه، ثم أخرجت له صرة فيها ثلاثمائة دينار وقالت له: امضِ إلى معاطن الإبل فخذ لك منها راحلة فاركبها وامضِ راشداً، فمضى الرجل فأخذ المال والراحلة. ولما استيقظ قيس من منامه أخبرته الجارية بالخبر فأعتقها.
ومضى صاحب عرابة فوجده قد عمي وقد خرج من منزله يريد المسجد، وهو يمشي بين عبدين، فقال: يا عرابة، ابن سبيل منقطع يريد رفدك، فقال: واسوأتاه، والله ما تركت الحقوق في بيت عرابة الدراهم، ولكن يا ابن أخي خذ هذين العبدين، فقال الرجل: ما كنت بالذي أقص جناحك، فقال: والله يا ابن أخي إن لم تأخذهما فإنهما حران.
فلما اجتمعوا حكموا لـ(عرابة) بالجود.
وحديثاً ضربوا الأمثال بكرم (عبد الكريم الجربا) الذي لقبوه بـ(أبو خوذه)؛ لأنه ما إن يضع أحدهم يده على شيء من حاجياته، حتى يقول له: (خوذه) فهو لك.
وأنا عكسه تماماً، فيا ويل أحد يمد يده على شيء من حاجياتي؛ لأنني سرعان ما أقول له: (شيل ايدك جعلها الكسر).
والذي تغلّب على (عرّابة) بعتق العبيد، هو ما ذكره (أبو الحسن الأسدي) عن رجل كان يملك ويعول اثني عشر ألف (عبد)، وعندما مرض وهو على فراش الموت أعتقهم جميعاً دفعة واحدة، وأشهد الحضور على ذلك، فلما حمل على النعش؛ إذا له صرير على أعناق الرجال العبيد، فقال رجل في الجنازة:
وليس صرير النعش ما تسمعونه
ولكنه أعناق قوم تقصف
وليس فتيق المسك ما تجدونه
ولكنه ذلك الثناء المخلف
- يعني باختصار: إن ذلك الرجل العربي، قد تفوّق على لينكولن الرئيس الأميركي، وسبقه بألف سنة (بتحرير العبيد).

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شيل ايدك جعلها الكسر شيل ايدك جعلها الكسر



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca