رخرخوا أحزمتكم

الدار البيضاء اليوم  -

رخرخوا أحزمتكم

مشعل السديري
بقلم : مشعل السديري

قبل (كورونا) دُعيت إلى وليمة معتبرة أقامها أحد الكرماء، وحيث إنني بطبعي لا أرد دعوةً من كريم لأنني لست بلئيم، لهذا كنت من أوائل الحاضرين، وبعد أن اكتمل النِّصاب، والمجلس ممتلئ بالناس، وقف شيخ يريد أن يعبّر عن شعوره لصاحب الدعوة، كأنه إلى جانب ذلك أراد أيضاً أن يستعرض فصاحته بالخطابة، فوقف واستأذن من دون أي مقدمات ليلقي كلمة قبل العشاء، فأذن له، عندها أخرج من جيبه ورقة كان قد كتبها من قبل، وجاء فيها:
الحمد لله مستحق الحمد على التحقيق، الذي وفّق بين الفرج والضيق، وأمر بالحج إلى بيته العتيق، وجعل السمن البقري لعسل النحل رفيق، أحمده حمد مَن عنده من الجوع دسيسة، وأغاثه الله بقصعة من البسيسة. أيها الناس ما لي أراكم عن الزبدة والعسل غافلون، وعن الأرز المفلفل باللحم الضاني تاركون، ومن البقلاوة في الصواني معرضون، وعن الأرز بالسمن والدجاج المحمر لاهون؟ فاغتنموا، رحمكم الله، هذه الموعظة، ودعوا أكل المغلظة، وأشهد أن اللحم الضاني سيد الأطعمة ومصلح للبدن، واعلموا أن القشطة لا تُترك، وأن المهلبية أحسن وأبرك، وقد قيل أن من أطعم ضيفه خبز الشعير فإنه يُحشر مع البغال والحمير، ومن أطعم ضيفه لحم الدجاج فإنه يدخل الجنة بلا علاج، وأوصيكم إذا دُعيتم إلى وليمة فرخرخوا أحزمتكم ودككم واترسوها إلى الحلقوم وزلقوا الماء تزليقاً فمن أكل فلنفسه ومن أُصيب بالتخّمة فعليها وما أنا عليكم بوكيل – انتهى.
فتضاحك الجميع، وكنت أنا الوحيد الذي صفّق له، وقبل أن نتجه إلى المائدة اتجهت إليه وطلبت منه الورقة التي كتب فيها كلمته العصماء تلك، لكي أطرحها أمامكم علّكم تستفيدون مما احتوته من بلاغة وحكم، فأعطاني إياها بوجه متهلل وشكرني على تصفيقي له، فقلت له: هذا أقل شيء أفعله لأعبّر لك به عن شعوري، ولولا خوفي من استهجان الحضور لهتفت لك. ولكن قل لي بالله عليك: هل أنت إمام مسجد؟! فارتبك وقال: لماذا تسألني؟! قلت: لأنه لا يأتي بهذه (الدرر) غير أئمة المساجد الذين فتح الله عليهم. تبسم وهو يقول: نعم، بارك الله فيك، ولكنني في المسجد لا أقول مثل هذا الكلام، وإنما أأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ولله الحمد. ثم تركني وجلس تحديداً أمام إلية الخروف التي تزين الصينية الكبيرة، وأخذ يمحلس ويطبطب عليها ويأكل منها.
فأخرجت من جيبي جوّالي أريد أن ألتقط صورة تذكارية، فنبّهني المضيف قائلاً: لو سمحت ممنوع التصوير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رخرخوا أحزمتكم رخرخوا أحزمتكم



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca