ثقافة الديّة والمجالس العرفية

الدار البيضاء اليوم  -

ثقافة الديّة والمجالس العرفية

خالد منتصر
بقلم : خالد منتصر

صُعقت عندما قرأت أن هناك محامين ومواطنين يجمعون الدية لتقديمها إلى أسرة «نيرة»، الضحية التى قُتلت غدراً، وبرغم أن الأسرة قد رفضت، فإن الخطر الداهم هو انتشار وقبول تلك الثقافة عند فئات اجتماعية كثيرة، والمصيبة خروج مواطنين ومواطنات فى فيديوهات لتشويه سمعة المقتولة والإشادة بالقاتل!!! فى سابقة لم تعرفها مصر من قبل وتحتاج مؤتمراً موسعاً من علماء النفس والاجتماع لتحليل ورصد وإيجاد طرق العلاج لمثل هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة والمدمرة، معقول موظفة كانت تعمل فى جهاز إعلامى حكومى تخرج لتروج لمثل هذه الوقاحة وتجد تفاعلاً وصدى؟! معقول هناك محامٍ بعد أن سمع رفض الأهل يصر على تجميع الدية؟! معقول ناس تبدى استعدادها للتبرع؟! معقول ناس ترسل رسائل تهديد لأسرة نيرة؟! معقول ناس تبرر القتل بنوع ملابس الضحية؟ هل نحن صرنا فى حفلة زار أم فى مجتمع زومبى؟ كيف ترعرع فى وادينا الطيب كل هؤلاء...؟ أكملوا أنتم بيت الشعر بكل ما تعرفون من أوصاف متدنية لأناس غرباء عنا وصاروا منا، يندمجون ويذوبون ومن خلال السوشيال ميديا يصرخون، الدية يا سادة مفهوم من الماضى من العبث أن نستدعيه فى الحاضر، الدولة المدنية الحديثة لا تعرف الدية ولا شيل الكفن ولا البشعة كوسيلة اعتراف أو شهادة، وأيضاً لا تعرف المجالس العرفية بين قاتل وضحية، أو من يحرق بيتاً وبين المحروقين، أو من يدمر دار عبادة لشخص مختلف وبين من كان يتعبد فيها.. إلخ، لم يعد مقبولاً فى الدول المدنية الحديثة أن يجلس بعض أهل القرية من الكبراء ويحكموا بنفى شخص أو عائلة من القرية وتهجيره!!! كل هذا كلام مكانه المتحف وصفحات التاريخ القديمة فى العصور الوسطى وحفريات علماء الجيولوجيا، هناك قانون ومحكمة ودستور ونصوص عقوبات ومحامون وقضاة ونيابة.. إلخ، هناك حق الضحية وهناك أيضاً حق المجتمع الذى لا بد أن نحترمه ونعيد إليه الهدوء والسكينة والأمان، حق المجتمع الذى حدث له ترويع من الجريمة وصدمة مما بعد الجريمة وردود فعل الزومبى الذين ألقوا باللوم على شعر الضحية وجينز الضحية وجنس الضحية! لا بد أن نحترم القانون ونعيد إليه هيبته، حتى نداءات الإعدام العلنى للردع أنا لست معها، لأنها ضد القانون المدنى الحديث، وأيضاً لأنها تجعلك على ألفة مع العنف والدم، عندما يتجمع المشاهدون ليتفرجوا على إعدام علنى، أنت بهذا تعلمهم القسوة وتميت إحساسهم وتطلق غرائز الانتقام والتشفى، المهم أن تأخذ حقك القانونى، لكن ليس مهماً أن تتلذذ برؤية الأشلاء ونوافير الدم والجثث المتدلية، بعضاً من الثقافة القانونية لنتعقل ونمنح الروح السكينة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثقافة الديّة والمجالس العرفية ثقافة الديّة والمجالس العرفية



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca