هل تستحق «شفاعات» هذه النهاية؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل تستحق «شفاعات» هذه النهاية

خالد منتصر
بقلم : خالد منتصر

كتبت بمناسبة ذكرى وفاة الروائى الكبير نجيب محفوظ مقالاً عن إبداعه فى السيناريو، لكنى ذكرت فيه أنه قد كتب سيناريو «شباب امرأة» وقد نبّهنى الصديق الناقد طارق الشناوى إلى أن المكتوب على الشاشة هو الأهم، والمكتوب هو أن أمين يوسف غراب هو صاحب القصة والسيناريو بمشاركة المخرج صلاح أبوسيف، والسيد بدير هو كاتب الحوار، وطارق بالفعل عنده حق، فالمهم هو الموثق الذى على شريط الفيلم، لكن ما هو فى الكواليس يظل فى دائرة الحكايات والنميمة حتى ولو وصل إلى درجة اليقين والثقة فى المصادر التى نقلته، فكثير ممن عاصروا نجيب محفوظ وصلاح أبوسيف ذكروا أن الفيلم مر على نجيب محفوظ وبصمته موجودة فى السيناريو، لكننا سنلتزم بما هو مكتوب على الشاشة وعقود الإنتاج وأرشيف مؤسسة السينما.

وشارك طارق فى رأيه أستاذى الناقد كمال رمزى، ففى رأيه الفيلم منسوب لأمين يوسف غراب الذى يُنسب إليه الاعتراض على وضع اسم نجيب محفوظ مشاركاً، وملاحظة كمال رمزى أن المرأة فى عالم محفوظ وغراب فى ذلك الحين ملامحها متشابهة وتعيش نفس العالم الحسى، لكن هناك ملاحظة مهمة أشار إليها ناقدنا الكبير كمال رمزى ووجدتها بالفعل موجودة فى حوار لصلاح أبوسيف، وهى أنه لو عاد الزمن بصلاح أبوسيف لكان قد غيّر النهاية ولم يكن ليسمح بهذا المصير المأساوى الميلودرامى تحت أقدام بغل السرجة.

والحقيقة أن هذا التصريح عن شخصية شفاعات التى جسّدتها تحية كاريوكا يعبّر عن رحابة نظرة صلاح أبوسيف لمفهوم الأخلاق والضمير، واحترامه للضعف الإنسانى وتركيبة الإنسان الطبيعى، وأنه لا توجد ملائكة على الأرض، وفهمه العميق لدور الفن الذى ليس مهمته على الإطلاق إصدار أحكام أخلاقية على البشر وعقابهم للتشفى وإرضاء مزاج الجمهور، وهى قضية مهمة ومطروحة على الساحة وزادت وألحت أكثر بعد ظهور مفهوم السينما النظيفة، هل دور الفن هو دور وعظى، افعل ولا تفعل؟ أم أن دوره هو نقل شريحة من الحياة بكل ما فيها، بخيرها وشرها، بطهرها ودنسها، بورودها وأدرانها، وترك الحكم واستخلاص المغزى والمعنى للمتفرج، بل ومن الممكن أن يستخلص المشاهد من الفيلم مجرد صور جمالية، هو حر يستقبلها كما يشاء، لكن ليس من حقه محاكمة صُناع الفيلم لأنهم لم يطابقوا كتالوجه الأخلاقى.

بعد أن امتد الزمن بصلاح أبوسيف وشاهد عمله بعد تلك الفترة، وجد أنه قد أخطأ فنياً بقتل شفاعات بهذه الطريقة، أو قتلها أصلاً، فمن كان منكم بلا خطيئة فليرجم شفاعات بحجر، هى تصرفت بملامح شخصيتها الدرامية المتعطشة لعلاقة مع هذا الشاب، وتصرفت بناء على هذا الرسم، وقد قال أبوسيف نفسه إنها تجربته الشخصية، إننى أراها ملامح جيل كان متسامحاً مع الجسد ومدركاً لأن الإنسان لم يُصنع من فولاذ، وأن الضعف جزء لا يتجزأ من طبيعته.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تستحق «شفاعات» هذه النهاية هل تستحق «شفاعات» هذه النهاية



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca