وداعاً وائل الإبراشى

الدار البيضاء اليوم  -

وداعاً وائل الإبراشى

خالد منتصر
بقلم : خالد منتصر

ساقية الحزن لا تجف، وتأتى من بئر الأحزان بالمزيد من الحزن، المآقى صارت نبع دموع.. لا ترى شخوصاً بل نعوشاً كل يوم، منذ بداية السنة الجديدة لم تعد تشرق شمس يوم جديد إلا بغروب صديق أو رحيل حبيب، آخر الراحلين كان الصديق العزيز وائل الإبراشى، رفيق البدايات فى روزاليوسف، جمعتنى معه رحلة صعود مجلة روزاليوسف كسوبر ستار الصحافة وقتها، ومصدر الأخبار ومحرك الأحداث وحديث كل الناس بخبطاتها المتفردة وتمردها على التقليدى والراكد والسائد، كنت ضيفاً وكان هو صاحب بيت مع كل كتيبة عادل حمودة حينذاك، محمد هانى وإبراهيم عيسى وعصام زكريا وعبدالله كمال... وغيرهم ممن أصبحوا نجوماً فى سماء صاحبة الجلالة فيما بعد.

كان وائل متميزاً فى التحقيق الصحفى، لا ينافسه أحد من جيله فى تلك المساحة التى اختارها مع سبق الإصرار والترصد، اختار التميز منذ البداية، كان معجوناً بعشق ما وراء الخبر، كواليسه السرية، دلالاته، دوافعه... إلخ، قبل السوشيال ميديا كانت تحقيقات وائل الإبراشى بنفس الزخم والتأثير، انتقل من التحقيق الصحفى إلى التحقيق التليفزيونى بنفس الدأب والدقة والسخونة والإيقاع اللاهث، وكانت حلقاته التى أعدها مع الإعلامية المتميزة هالة سرحان حديث الشارع العربى فى كل أسبوع، استقل بعدها ببرنامج «الحقيقة» فى «دريم» الذى استطاع أن ينافس به أشهر برنامج توك شو فى نفس القناة، وكانت عنده إلى جانب مهارته فى التحقيق التليفزيونى، مهارة أخرى لا تقل أهمية وهى مهارة اكتشاف ضيوف، صاروا نجوماً فيما بعد، كان خبير جواهر تليفزيونية لا يُبارَى، جاءته الفرصة ليقدم برنامج «العاشرة مساء» بعد أن كان قد حقق نجاحاً هائلاً وصار البرنامج رقم واحد فى مصر، فكان تحدياً توقع الجميع أن ينسحب من مواجهته وائل، لأن السؤال كان: كيف سيتجاوز وائل سقف هذا النجاح؟ كان ذكاء وائل الإبراشى أنه قد أخذ البرنامج إلى منطقته التى يجيدها، منطقة التحقيق التليفزيونى الذى يغوص إلى أعماق الأعماق وكأنه أشعة سينية، وكان يشرف بنفسه على كل تفاصيل الإعداد، بعدها لظروف تتعلق بالقناة الخاصة التى كان يعمل فيها، انتقل إلى التليفزيون المصرى فى رحلة تحد أخطر وأصعب، نجح وائل فى هذا الامتحان الذى كان بكل المقاييس مرعباً، واستكمل مسيرته الإعلامية المتميزة بانفرادات تليفزيونية ومن خلال إمكانيات ليست فى حجم إمكانيات القنوات الخاصة، لكنه بذكائه الإعلامى استطاع أن يتفوق على برامج توك شو عربية شهيرة، تصرف محطاتها على المراسلين والضيوف واللقاءات مئات أضعاف ميزانية برنامجه.

وائل كانت لديه خلطة إعلامية سحرية مسجلة باسمه، وائل ترك لنا مدرسة متميزة فى التحقيق التليفزيونى، سواء اتفقت أو اختلفت معها، لا تستطيع إلا أن تعترف بتميزها وتأثيرها، وترك لنا ابنته الطفلة الجميلة التى كان يعشقها ويحب كل يوم أن يستمع إلى عزفها الموسيقى الناعم، كان يحلم بأن تتعلم أفضل تعليم فى العالم، وبإذن الله ستحقق حلمه وأمنياته وتصبح امتداداً لأب كان علامة نجاح فى أى مكان حل فيه، أب وصحفى وتليفزيونى ترك بصمة فى عالم الإعلام لن ينساها الناس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وداعاً وائل الإبراشى وداعاً وائل الإبراشى



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca