٣٠ سنة على رحيل فرج فودة

الدار البيضاء اليوم  -

٣٠ سنة على رحيل فرج فودة

خالد منتصر
بقلم : خالد منتصر

هذه بعض التغريدات التى كنت قد دوّنتها فى ذكرى اغتيال شهيد التنوير فرج فودة:

هل الرصاص الذى أطلق على شهيد التنوير فرج فودة من رشاش الغدر والخسة والجهل هو آخر الرصاص؟، هل صمت الكلاشينكوف عن استهداف المفكرين؟، أم ما زال هناك رصاص ينطلق ورشاشات تستهدف ومحتسب يتربص؟!، هذا هو السؤال الذى يجب أن نجيب عنه بعد ٣٠ عاماً مرت على اغتياله.

فرج فودة، هذا المفكر الشجاع الذى قتلناه حياً بيننا بالإهمال واللامبالاة، ثم اغتلناه ثانية بعد رحيله بالتخلى عن أفكاره وسد آذاننا وغلق عقولنا عن نشرها وتقبلها وتبنيها، فى 8 يونيو 1992 تلقى المفكر فرج فودة الرصاص فى قلبه وكبده أمام مكتبه فى شارع أسماء فهمى.

وبعد اغتيال الجسد تلقى فكر فرج فودة رصاصة الرحمة بسطوة قانون الازدراء، صادف اغتيال التنوير هوى ومزاج المجتمع الذى يخشى التفكير النقدى ويكره المنهج العلمى ويخلط ما بين الدين والتدين والإلهى والبشرى والإسلام والمسلمين.

لقطات وكادرات عبثية تمر أمامى الآن من شريط حياة فرج فودة قصيرة الزمن، عميقة المعنى، فرج فودة كان «سيزيف»، بطل الإغريق الأسطورى، الذى ظل عمره يحاول أن يدفع بالصخرة إلى قمة الجبل، لكنها وهى تقترب من تلك القمة إذا بها تهبط إلى السفح ثانية، فيكرر المحاولة إلى ما لا نهاية.

كان فرج فودة كالمساق إلى قدره الحتمى. كان يواجه الموت كل يوم بالتهديد والوعيد وخناجر السباب الفاحش ورصاص التطاول البذىء، كان يواجهه بصدر عارٍ، بلا درع أو سيف، كان أكبر مثال حى على تلك العلاقة الملتبسة بين دولة لا تعى الدرس ومثقف يظن أن رسالته قد وصلت، وأن درسه قد فُهم.

الدولة وقتها التى كانت تحارب الإرهابيين وقت فرج فودة ضحّت بمن يحارب الإرهاب، قالت له خُض معركتك منفرداً، اذهب أنت وكتبك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، متفرجون، منتظرون، مبسوطون، منشكحون!، انضم «فودة» إلى حزب الوفد، ثم خرج عنه عندما تحالف هذا الحزب، صاحب التاريخ العلمانى، مع الإخوان فى انتخابات البرلمان.

رشّح فرج فودة نفسه مستقلاً فى دائرة شبرا، محروماً من أى دعم، ورغم ذلك كان مكتسحاً بحجته القوية وصلابته فى مواجهة الفاشية الدينية، لكن الدولة باعته وضحّت به على مذبح الفاشية الدينية وتحالفت مع المرشح المنافس، لأنه راجل بتاع ربنا، و«فودة» عليه كلام وعلامات استفهام!

وتمّت الصفقة وسقط فرج فودة العلمانى فى الانتخابات، كما سقط من قبله لطفى السيد الديمقراطى!!، ظل «فودة» يطل على الناس من خلال مقالاته وكتبه وندواته كلما تيسّر وسط حصار إعلامى مريب، بينما يطل تيار التخلف من خلال شاشات التليفزيون فى أوقات الذروة بشكل مكثف وإلحاح مقصود.

لم يدخل فرج فودة طوال حياته باب ماسبيرو إلا من خلال ربع ساعة مع المذيع أحمد سمير، تعليقاً على حادث إرهابى كانت الدولة تحتاج إليه وقتها لاستخدامه فى تلميع الصورة وإجراء عملية تجميل للضمير المترهّل، لكن دائماً كان اسمه مدرجاً على قائمة الممنوعات السوداء!، حصار فى الحياة والممات يا فودة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

٣٠ سنة على رحيل فرج فودة ٣٠ سنة على رحيل فرج فودة



GMT 20:42 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً

GMT 20:40 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

كي لا تسقط جريمة المرفأ بالتحايل

GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 19:30 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة

GMT 19:58 2018 السبت ,28 إبريل / نيسان

امحمد فاخر يفرض شروطه على الأيوبي

GMT 12:52 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تحدي جديد يجتاح مواقع التواصل الاجتماعي بعد رقصة "كيكي"

GMT 13:39 2018 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

الكشف عن جنس مولود الفنانة نانسي عجرم الجديد

GMT 16:55 2018 الخميس ,02 آب / أغسطس

"فن ترجمة الشعر" محاضرة في فنون أبها

GMT 18:00 2012 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

علماء فرنسيون يكتشفون علاقة النباتات بالجاذبية الأرضية

GMT 18:12 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

دينا الشربيني تحل ضيفة على "تعشب شاي" الإثنين

GMT 07:54 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة تحافظ على شباب المخ وتعزّز التركيز وتقاوم ألزهايمر

GMT 07:37 2016 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة الجزائرية تكشف زيادة أسعار شراء مساكن البيع بالإيجار

GMT 20:33 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور كتاب "الجبل العميق" لإجي تملكران عن دار صفصافة

GMT 18:45 2016 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أحمد السيسي يغني "دار يادار" في ذا فويس كيدز

GMT 00:11 2016 الجمعة ,22 تموز / يوليو

يوميات حامل بين مواقف مضحكة وأخرى محرجة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca