الجغرافيا التى ظلمت الأردن

الدار البيضاء اليوم  -

الجغرافيا التى ظلمت الأردن

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

الجغرافيا فرضت على المملكة الأردنية أوضاعا شديدة الصعوبة بحكم أنها موجودة فى منطقة ملتهبة على الدوام.
الأردن احتفل فى العام الماضى بمئوية التأسيس بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس إمارة شرق الأردن، والتى تحولت سنة 1946 إلى المملكة الأردنية الهاشمية
ويحاول جاهدا أن يحافظ على أمنه واستقراره وسط بحر متلاطم الأمواج يمتلئ بالقروش والحيتان التى تحاول افتراس أسماك الباساريا الصغيرة.
الموقع الجغرافى وتبعاته وتداعياته سمعته من أكثر من مسئول أردنى خلال الزيارة الصحفية لوفد من ثمانية كتاب ورؤساء تحرير مصريين للأردن الأسبوع الماضى والتقينا خلالها مع رئيس الوزراء بشر الخصاونة وعشرة وزراء منهم وزير الخارجية أيمن الصفدى والإعلام فيصل الشبول الذى رافقنا فى العديد من اللقاءات.
الأردن يقع جغرافيًّا فى الشمال الغربى لشبه الجزيرة العربية وغربى قارة آسيا. ويقع بين خطى طول ٥٩ إلى ٣١ شرقا وبين دائرتى عرض ٣٤٫٥٢ إلى ٣٩٫١٥ شمالا فى آسيا، ومساحته تبلغ نحو ٨٩٣٤٢ كيلو مترا ولا يمتلك إلا شريطا بحريا ضيقا يبلغ طوله ٢٦ كيلو مترا على خليج العقبة.
غرب الأردن تقع فلسطين، وفى عام ١٩٤٨ احتلت إسرائيل أكثر من نصف فلسطين، وظلت الضفة الغربية لنهر الأردن تحت الوصاية الأردنية ومعها الأماكن المقدسة خصوصا، لكن إسرائيل احتلتها أيضا فى ٥ يونيو ١٩٦٧، ومعها بعض الأراضى الأردنية، التى عادت للسيادة الأردنية بعد توقيع اتفاق وادى عربة عام ١٩٩٤.
الاحتلال الإسرائيلى لفلسطين أدى إلى نزوح نحو ٢ مليون لاجئ فلسطينى، يعيشون فى الأردن منذ نكبة ١٩٤٨ أو نكسة ١٩٦٧.
الاحتلال وعدوانه المستمر على الضفة وغزة يدفع ثمنه الكبير الأردن خصوصا المحاولات الدائمة لما يسمى بـ«الخيار الأردنى» أى أن يعيش كل الفلسطينيين فى الأردن بصيغة أو بأخرى وكان آخر هذه المحاولات ما سمى بـ «صفقة القرن» التى سقطت بخروج ترامب وزوج ابنته كوشنر.
ورغم ذلك وحسب أيمن الصفدى وزير الخارجية الأردنى حينما قابلناه فإن الخلافات المعلنة مع إسرائيل لا تمنع الجلوس والحديث معها لحل هذه الخلافات.
شمال الأردن تقع سوريا، والحرب الأهلية السورية المستمرة منذ مارس ٢٠١١، حولتها إلى ساحة لحروب بالوكالة بين قوى محلية وإقليمية ودولية.
ومرة أخرى فإن الأردن أحد أكبر الأطراف التى دفعت ثمنا باهظا للأزمة، حيث دخلها أكثر من ١٫٣ مليون لاجئ سورى يعيش ٩٠٪ منهم وسط الأردنيين و١٠٪ فقط فى المخيمات.
ويلقون أفضل معاملة، لكن نصف هؤلاء تحت سن الـ١٥ عاما وهو تحد كبير كما يقول الصفدى.
الإرهاب فى سوريا جعل حكومتها تفقد السيطرة على الجانب الثانى من الحدود، وبالتالى نشطت عصابات التهريب بمختلف أنواع التجارة المحرمة خصوصا المخدرات. وحينما قابلنا وزير الخارجية الأردنى فى عشاء مساء الاثنين الماضى قال إننا ضبطنا ٤٦ مليون حبة كبتاجون من أول العام الحالى وكذلك ٣٥ كيلو جراما من الهيروين.
ومسار المخدرات يبدأ من أفغانستان إلى إيران ثم العراق ومنه إلى سوريا ولبنان ثم من سوريا إلى الأردن.
وفى تقدير وزير الدولة للإعلام الأردنى فيصل الشبول فإن بلاده فى حالة شبيهة بحالة الحرب منذ اندلاع الأزمة السورية فالمنظمات الإرهابية تسيطر على بعض الحدود معنا ومحاولات التسلل لا تتوقف، لكن الأخطر هو تهريب المخدرات الذى يمثل دخلا مهما لهذه الأطراف الميلشاوية أو غيرها.
السعودية تحيط بالأردن من جنوبه وجزء من شرقه وربما تكون هذه هى أهدأ حدود للأردن مع جيرانه.
شرق الأردن يقع العراق ومن سوء حظ الأردن فإن العراق غير مستقر منذ سنوات طويلة وهو دخل فى حرب الثمانى سنوات مع إيران من ١٩٨٠ إلى ١٩٨٨ وبعد أن توقفت الحرب من عامين قام صدام حسين بغزو الكويت فى أغسطس ١٩٩٠، ثم حاصر الغرب العراق حتى غزته أمريكا عام ٢٠٠٣، ومن يومها وحتى الآن فهناك انقسامات سياسية ومذهبية وانتشار لمنظمات إرهابية متعددة خصوصا داعش أو ميليشيات مسلحة، والأردن أحد أكبر الذين يدفعون ثمن عدم الاستقرار فى العراق وآخرها الاشتباكات المسلحة الأسبوع الماضى. فى رأى العديد من المسئولين الأردنيين فإن التحديات الدائمة لبلادهم هى خارجية، وهو ما أدى إلى مشاكل اقتصادية كثيرة، خصوصا أن ذلك يتوافق مع أن الأردن من أفقر الدول فى المياه، بل ويدفع ثمنا كبيرا للحرب الروسية الأوكرانية. ورغم كل ذلك يحاول بشتى الطرق التغلب على هذه المشكلات والتحديات والانطلاق إلى الأمام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجغرافيا التى ظلمت الأردن الجغرافيا التى ظلمت الأردن



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca