فلسطيني يحتفل باليوبيل الماسي

الدار البيضاء اليوم  -

فلسطيني يحتفل باليوبيل الماسي

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

اليوبيل الماسي، أو «البلاتيني»، يخص الملكة إليزابيث الثانية، التي يحتفل شعبها هذه الأيام بمرور سبعين عاماً على اعتلائها عرش التاج البريطاني. تتسم الاحتفالات بكثير من مظاهر الابتهاج بالمناسبة، رغم تأثير حالة الغلاء وارتفاع تكاليف العيش، الأمر الذي اضطر ريشي سوناك، وزير الخزانة، الأسبوع الماضي، إلى تخصيص حزمة مساعدات للأسر الفقيرة بلغت قيمتها خمسة عشر مليار جنيه إسترليني. أما شخص «الفلسطيني» كما ورد في عنوان المقال، فهو بكل تأكيد ليس الفلسطيني بشكل مطلق، إنما القصد أولئك الذين تنطبق عليهم، وعليهن، صفة الانتماء لجالية أبناء فلسطين في المملكة المتحدة، وعلى نحو أدق يمكن القول إن المسألة تخص حاملي الجنسية البريطانية من فلسطينيي بريطانيا، أكثر من غيرهم، إذ هم وهن، في نظر قوانين البلاد، من رعايا صاحبة الجلالة، لهم ولهن حقوق المواطنين والمواطنات، بدءاً بممارسة حق الانتخاب، وصولاً إلى قبض المعاش التقاعدي عند حلول خريف العمر، وبالتالي يتوجب عليهم وعليهن أداء الواجبات الواجبة على كل مواطن ومواطنة، وأغلبهم يؤدونها بلا تأفف، أو اعتراض، وإنما بالتزام كامل، واقتناع تام. فأين العجب، إذنْ، أو ما الذي يمنع أن يشارك فلسطينيو بريطانيا في احتفالات يوبيل الملكة إليزابيث الماسي؟ ليس ثمة مانع على الإطلاق، بل هو واجب يُفترض أن يؤدى قدر المُستطاع.
أعلم، مسبقاً، أن جوهر ما سبق ليس موضع قبول البعض، سواء داخل الجالية الفلسطينية في بريطانيا، أو على نحو أعم بين مختلف الجاليات العربية في المملكة المتحدة. سبب الاعتراض معروف لكل متابع لجدل يُثار من حين لآخر ويتعلق بمدى جدية انتماء المهاجر، عربياً كان أو من أي قوم آخر، للمجتمع الذي هاجر إليه، بريطانيا أو غيرها في هكذا سياق، فوفر له، فرداً أو عائلة، المأوى الآمن، مضافاً إليه كل الذي تعذر عليه أن يجده في بلده، وبين أهله، من أسباب العيش الكريم. جدلية الانتماء هذه كثيراً ما يتمخض عنها سؤال أكثر أهمية بشأن مدى صلابة إحساس الولاء لدى المهاجرين إزاء المجتمعات التي باتوا مواطنين فيها ومواطنات. مثل هذا التساؤل طفق يثير المزيد من القلق منذ تصاعد الإرهاب باسم الدين الإسلامي داخل الدول الغربية، خصوصاً بعد جرائم الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، زاد الأمر سوءاً فيما يتعلق بالتشكك في ولاء المهاجرين التام تجاه الدول المضيفة لهم، وخصوصاً العرب والمسلمين منهم، بعد الظهور المفاجئ لتنظيم «داعش» الإرهابي، وما أطلق من موجات ذعر عالمياً، من خلال توحش عمليات الإجرام التي ارتكبها أعضاؤه، وما ترافق معها من تصرفات شبان وشابات أعماهم الضلال فسارعوا إلى الالتحاق بذلك التنظيم، وراحوا يلبون ما وُصف أنه نداء «هجرة» إلى «الدولة الإسلامية»، وعندما اكشف من بقي منهم ومنهن أحياء أنهم خُدعوا، كان الوقت تأخر كثيراً، فقد حصل الضرر، وإصلاح الخطأ ليس بالأمر السهل.
المشكل ليس في وجود جدل بشأن الانتماء والهوية والولاء بين المهاجرين إلى بريطانيا، وغيرها من المجتمعات الغربية. كلا، هكذا جدل يبقى صحياً ما دام أنه بقي ضمن السياق الموضوعي غير المتجني، وأحياناً المعتدي، على حق أي إنسان في إعطاء نفسه الصفة التي يرى أنها الأقرب إليه، أو إليها. كثيرون داخل بريطانيا ذاتها يقدمون أصلهم الذي يتحدرون منه على كونهم بريطانيين، فلا يجد الواحد منهم حرجاً في القول، مثلاً، إنه اسكوتلندي أولاً، وبريطاني ثانياً. العكس يحصل أيضاً. في الحالتين يبقى الأمر مقبولاً، يُنظر إليه من جانب الطرفين بتسامح تام، ولن يثير ردود فعل ربما تصل حد تبادل شتائم تجرح، أو اتهامات تخوين. في المقابل، نادراً ما يؤخذ الأمر ذاته بين أغلب قطاعات المهاجرين، العرب وغيرهم، بالأسلوب المتحضر نفسه. الأرجح أن الذي يحصل هو إكراه المهاجر على الاعتداد بجذور انتمائه الأصلي، حتى لو أن تلك الجذور تعارضت مع ضرورات الولاء للبلد الذي بات أحد مواطنيه.
الأحد المقبل سوف يحتفل سكان الشارع الذي أسكن منذ سبع وثلاثين سنة باليوبيل الماسي. انظر المفارقة، إنه يوم ذكرى مرور خمسة وخمسين عاماً على هزيمة خامس يونيو (حزيران). تساءلت؛ تُرى هل أحبس نفسي داخل بيتي، أم أطلع وأشارك جيراني ابتهاجهم، من منطلق المقتنع أن عويل المآسي لن يتوقف أساساً، ومن ثم فإن استئنافه ممكن الأسبوع المقبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطيني يحتفل باليوبيل الماسي فلسطيني يحتفل باليوبيل الماسي



GMT 20:42 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً

GMT 20:40 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

كي لا تسقط جريمة المرفأ بالتحايل

GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 18:19 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 12:52 2013 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

هل الدكتور دكتور والمهندس بالفعل مهندس؟

GMT 00:29 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مشاحنات في جنازة سعيد بونعيلات بين عائلته ورفاقه

GMT 20:49 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 05:23 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات فساتين للمحجبات من أسبوع الموضة في نيويورك

GMT 22:09 2015 الثلاثاء ,17 شباط / فبراير

افتتاح فرع جديد من "المطعم البلدي" في مراكش

GMT 02:51 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

شاب هندي يعاني من مرض الشيخوخة المبكرة

GMT 23:51 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل "اجتماع الأزمة" بين أبرشان ولاعبي اتحاد طنجة

GMT 20:35 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تطورات جديدة في قضية لطيفة رأفت ضد رئيس الوزراء المغربي

GMT 09:16 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بلاك شاينا أنيقة خلال توزيع جوائز "BET Hip Hop"

GMT 08:03 2018 الإثنين ,14 أيار / مايو

طرق وخطوات تطبيق "الأيلاينر الأومبري"

GMT 17:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تدريبات خاصة ليوسف القديوي لاستعادة لياقته البدنية

GMT 22:47 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

حلم كأس العالم يعود يا إماراتيون

GMT 17:10 2015 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فجر السعيد تضع حدا للخلاف مع الفنانة الإماراتية أحلام

GMT 03:22 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام البورقادي وصيفة لبطلة العالم في الكيك بوكسينغ

GMT 00:45 2017 الأحد ,24 أيلول / سبتمبر

ياسر المصري يوضح أن شخصية الزعيم ثرية جدا
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca