اقتدوا بحنان ترك!

الدار البيضاء اليوم  -

اقتدوا بحنان ترك

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

الفنانة المصرية المعتزلة حنان ترك خاطبت متابعيها من صفحتها على «فيسبوك» بفيديو لايف مساء الخميس الماضي، قالت فيه: «ساعدوني إني أوقف أي صفحات تتكلم باسمي، ومنها من تتكلم في الدين والسياسة وحاجات غريبة ليس لي علاقة بها ولا عمري هتكلم فيها، لأني سياسياً جاهلة جداً، معنديش وعي سياسي أقول فيه أي شيء ولا عندي ثقافة أنظر بيها».
حنان ترك نفت بشدة أن تكون قد «أفتت» بأي فتوى في شؤون الدين لأن الفتوى لها أهلها «أنا فين والكلام الكبير ده فين»، كما قالت معلنة ملاحقة المتحدثين باسمها في السوشيال ميديا والمنتحلين لشخصيتها.
بصراحة، وبصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى، فإني أقدر تماماً صراحة الفنانة حنان ترك وعدم خداعها لذاتها، ومعرفتها بحدود معرفتها، وتصالحها مع جهلها بالسياسة والفقه والدعوة الدينية.
هذا موقفٌ نفسي شجاعٌ ومتقدمٌ، في عالم نراه اليومَ يموج بالهرج والمرج وطغيان العوام وثقافة الغوغاء على الفضاء العام. وبسبب ترسيخ سلطة الجهال على ساحات النقاش العام... تشوهت القضايا و«تشابكت» الخيوط والخطوط في حفلة محمومة مجنونة من الصخب.
حجة الإسلام أبو حامد الغزالي (ت 1111م) له كتاب شهير، عنوانه معبر عن مضمونه وهو «إلجام العوام عن علم الكلام».
وجاء في شرح «نهج البلاغة» لابن أبي الحديد نقلاً عن الإمام في صفة الغوغاء: «هم الذين إذا اجتمعوا ضَروا، وإذا تفرقوا نفعوا. فقيل قد عرفنا مضرة اجتماعهم، فما منفعة افتراقهم؟ فقال يرجع أصحاب أهل المهن إلى مهنهم فينتفع الناس بهم».
العامية ليست نقيصة بل العوام «الأنقياء» هم ملح الحياة، وكم فيهم من حكماء على السليقة عركتهم التجربة الحياتية… هؤلاء يستفيد من خبرتهم الإنسان العاقل.
المشكلة هي في العامي المتطفل على ما لا يفقه من القضايا والعلوم... يتطفل بكل ثقة وسعة وجه و«سلبطة» مفتوناً بمن يمدحه ويطبل له من «الفلورز»، وبحجم رصيده من الإعلانات وبوفرة من يتصل به من الشركات والجهات الرسمية!
لذلك كله... يصبح كلامُ شخصية مشهورة مثل الفنانة حنان ترك معلنة فيها جهلَها وعدمَ أهليتها للحديث في السياسة والدين… أمراً مقدراً جداً في هذا الوقت.
أعرف أن هذا الكلام لن يغير من واقع الهرج والمرج في هذا السيرك المجنون، وأعرف أيضاً عمقَ وسعة وتعقيدَ المصالح الكبرى المرتبطة بهذا النوع من القوالب الإعلامية، وأدرك تماماً معضلة «الكسل الإبداعي» المهيمن على كثير من أصحاب القرار وراغبي الترويج السريع «ع الجاهز» لرسائل ومحتويات إعلامية، سياسية أو تجارية، لعموم الناس.
أعي كل هذا... ولكن فاتورة ترك الأمر كما هو، عوض المسارعة لخلق مثال بديل... فاتورة باهظة وخطيرة لقوم يعقلون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اقتدوا بحنان ترك اقتدوا بحنان ترك



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 17:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 02:52 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

العثور على أهرامات متنوّعة قبالة سواحل جزر البهاما

GMT 05:32 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

"جواغوار" تطرح سيارتها طراز E-1965 للبيع 5 حُزيران

GMT 16:36 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

العجز المالي لمولودية وجدة يبلغ 700 مليون سنتيم

GMT 15:14 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

صعقة كهربائية تودي بحياة عامل بناء ضواحي مراكش

GMT 05:18 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يحددون مكان بداية مرض الزهايمر المدمر في المخ

GMT 05:42 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

سراييفو تعتبر واحدة من أكثر المدن إثارة في أوروبا

GMT 04:34 2018 السبت ,10 شباط / فبراير

عَرْض سيارة إلتون جون موديل 1997 الوحيدة للبيع

GMT 07:41 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

تجميع أكبر خريطة قديمة بعد أكثر من 400 عام

GMT 04:41 2014 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

مها أمين تطرح مجموعة جذابة من تصميمات "الكروشيه"

GMT 17:30 2016 الخميس ,29 أيلول / سبتمبر

الهولندي أرين روبن يسعى للبقاء مع "بايرن ميونيخ"

GMT 03:09 2014 الجمعة ,19 كانون الأول / ديسمبر

بريطانية تنجب 4 توائم دون تدخل طبي وبعد انتظار 4 سنوات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca