عزيز ضياء... جوعه وحبه وحربه

الدار البيضاء اليوم  -

عزيز ضياء جوعه وحبه وحربه

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

في الندوة التي شُرفت بإدارتها عن الناقد والصحافي والإداري السعودي الكبير الراحل عزيز ضياء كنت أكتشف درباً جديداً وأسبر مسالك عذراء.
ندوة التكريم والتنوير بشخصية الراحل عزيز ضياء كانت في أمسية من ليالي معرض الكتاب الكبير في المدينة المنورة، وكم كان رائقاً منظر الشبان والشابات والأسر في أزقة المعرض تحت سقف صالات الندوات والمحاضرات، وهي كثيرة.
كان المفترض حضور ابن الراحل، وهو الفنان السعودي التشكيلي المعروف ضياء عزيز ضياء، لكن عارضاً صحياً ألمّ به حال دون قدومه من جدة للمدينة، فله الدعوات بالشفاء وتمام العافية، لكن كان في حضور شقيقته دلال عزيز ضياء خير عزاء، كيف لا وهي التي امتهنت الإعلام الإذاعي منذ مطلع الثمانينات الميلادية في إذاعة جدة وغيرها، بلغة عربية مشرّفة وصوت ملون التفاعل، ولا عجب فهي ابنة أبيها الذي كان من أوائل الإذاعيين السعوديين هو وزوجته أسماء زعزوع في إذاعة الهند العربية من دلهي آخر الأربعينات الميلادية من القرن الراحل، وكان لذلك قصة وأي قصة! لكنْ يكفي منه رفض الزوج عزيز لنقدات وغضبات الناس على بنت مكة من أهالي مكة. أو بعضهم «كيف ترضى يا عزيز إنّو يطلع صوت مرتك كدا بالمفتشر؟!». فكان رد رفيق درب أسماء «أخصريهم... ما عليكي منهم».
دلال ضياء كانت رفيقة والدها منذ أدركت الأشياء حتى رحيلها عن الدنيا وهي تسند رأسه على يدها وهو يتلقن شهادة الحق بالرحيل من الفانية من صوتها على سرير الرحيل في المشفى.
ثمة حكايات كثيرة، سرد هو شطراً كبيراً منها من زمن طفولته وصباه ولم يكمل عن زمن شبابه المتقدم وكهولته وشيخوخته، كان ذلك في تحفته التاريخية والفنية والذاتية المسماة «سيرتي مع الجوع والحب والحرب» منذ فتح عينيه وهو طفل صغير في زقاق «القفل» من أزقة المدينة القديمة، داخل السور، على كارثة «السفر برلك» أو التهجير الجماعي لأهل المدينة الذي قام به حاكم المدينة العسكري، فخري باشا الرهيب، أو فخر الدين كما يحب هذا السياسي والعسكري التركي العصمنلي الشهير.
عزيز، أو عبد العزيز كما هو اسمه الأصلي، ولد في زمن انتقالي صعب عام 1914 ووقعت مصيبة التهجير بعدها بقليل ضمن معارك الشريف حسين وأنجاله ضد الوجود العثماني من أجل ما عُرف بالنهضة العربية، المهم هو التفاصيل المحزنة التي طالت سكان المدينة حينها ومنهم أسرة أديبنا الكبير عزيز ضياء، وهي مأساة تراجيديا أحسن عزيز رسم تفاصيلها في سيرته، لدرجة قد تجعلك تسفح العبرات في مواضع وتحرر الابتسامات بمواضع أخرى من السفر بـ«البابور» المتواضع من المدينة بعجلة سريعة إلى الوصول لدمشق ثم الهرب منها لحماة، وسرقة اللصوص لهم في حماة ثم الهرب لحلب ومشاهدة الطفل مناظر الموت الجماعي إما من الوباء أو الجوع أو الحرب، صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية.
ذهبت أسرة مكونة من والد أمه فاطمة، وهو شيخ من مسلمي القازاق في المدينة ورأس الطريقة النقشبندية الشيخ أحمد صفا وخالته خديجة وابنها وأمه وشقيقه الرضيع عبد الغفور، ولم يعد للمدينة وبيت زقاق القفل بعد سنتين إلا هو ووالدته فاطمة أو «ففم» كما كان يغنجها.
وبعد ذلك فصول الفتى عزيز في كتاتيب المدينة ومدارس مكة ثم الشرطة ثم الدفاع، وله في كل ذلك ريادات ومحن خاصة ونجاحات... ثم عزيز الصحافي والمؤلف في الإذاعة والتلفزيون والصحافة، وأخيراً عزيز ضياء المترجم الكبير من عيون الأدب باللغة الإنجليزية، والناقد الأدبي المكين. قلت للسيدة دلال ضياء: ألم تغمري مع بقية الأسرة بتخويل قصة عزيز ضياء وهو في المدينة طفلاً نابهاً وصبياً شقياً لفيلم أو مسلسل؟ نظرت إليّ وأجابت: لكن بقية مساحة المقال لا تتسع لإجابتها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عزيز ضياء جوعه وحبه وحربه عزيز ضياء جوعه وحبه وحربه



GMT 20:42 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً

GMT 20:40 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

كي لا تسقط جريمة المرفأ بالتحايل

GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 19:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 23:49 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

استنفار في بركان بسبب "هداف الشان"

GMT 02:53 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

شاب يخطف زوجته المستقبلية من أمام مركز تجاري في القوقاز

GMT 00:21 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس حكومة مدريد يطلب ملاقاة الملك محمد السادس في الرباط

GMT 19:03 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح مصحة لعلاج الكلى بأحدث الأجهزة في "وجدة"

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

بنك ناصر يوقع "بروتوكول" لصرف المعاشات عن طريق خدمة "فوري"

GMT 05:16 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سهلورق زودي تدعو الى مواصلة الإصلاحات وتعزيز السلام

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 12:15 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

لماذا نلوم الناصيري وبنشرقي؟

GMT 08:02 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

البنزرتي.. هل هو رجل المرحلة؟

GMT 06:24 2015 الأربعاء ,25 آذار/ مارس

أعربت لـ"العرب اليوم" عن حزنها الشديد

GMT 10:31 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في بن جرير
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca