إنسان «إيلون ماسك» الجديد

الدار البيضاء اليوم  -

إنسان «إيلون ماسك» الجديد

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

«قال لي: لقد ذهبت إلى القطب الشمالي (Antarctica) وغصت في الجليد، وقاتلت الدب القطبي، ولطمته على أنفه حتى أدميته، ومات من لطمتي الجبارة».
كان هذا شطراً من حديث الطفل الذي يدرس في الصف الرابع الابتدائي، وهو يرويه بجذل وشغف حقيقي.
في الواقع هو لا يكذب، لكنه يتحدث عن لعبة خاضها عبر تقنيات الواقع الافتراضي، وهو بفعل أدوات الإدماج في هذا الواقع، سيطر عليه الشعور «الحقيقي» بأنه حقاً موجود في «ثلاّجة» الأرض بالقطب الشمالي، وأنه صارع أعظم وحوش الأرض، الدب القطبي، وجندله.
رجعت لنفسي، بعد حديث هذا الصبي، وقلت: ترى كم بقي له من مساحات الخيال العذراء؟
الخيال هو سرّ تميّز الإنسان، فلولا الخيال لما كُتبت القصائد الخالدة ورُسمت اللوحات العظيمة، وصُنعت الموسيقى الرفيعة، ولما ازدهر فنّ الراوية والمسرح والملاحم وكتب الأساطير وحكايات الشعوب، بل لما انتعش العلم نفسه، فصفوة العلماء إنما امتطوا جياد الخيال قبل أن تصل بهم إلى مرابع الواقع.
ماذا أبقى لنا صنّاع الواقع الافتراضي وتسييد الآلات على البشر، من صفاتنا الطبيعية؟
حتى عقل الإنسان يراد تعويضه بالآلة، حتى ذكرياتنا، التي هي نحن في النهاية، فنحن مجموع ذكرياتنا!
قبل أيام قالت شبكة «سي إن بي سي» الأميركية إن الملياردير، الذي يتهمه البعض بالجنون، ويراه آخرون أيقونة الشرّ التقني وحليف الآلات ضد البشر، إيلون ماسك، مؤسس شركتي «تسلا» و«سبيس إكس»، وقد وصفته الشبكة بأنه يقول الكثير من الأشياء التي تبدو خيالية، قالت إنه يعتقد أن البشر يمكنهم العيش إلى الأبد، عن طريق وضع أدمغتهم في الروبوتات، رغم أنه قال في المقابلة نفسها، إنه يؤيد أن يموت البشر، حتى نسمح للجديد بالحدوث!
ماسك، كان قد قال لموقع «إنسايدر»: «أعتقد أن هذا ممكن نعم، يمكننا وضع الأشياء التي نعتقد أنها تجعلنا متميزين، لقد قمنا بالفعل بتضخيم أدمغتنا البشرية بشكل كبير باستخدام أجهزة الكومبيوتر»، Neuralink وهي من مشاريع ماسك الناشئة الحالية، تعمل على تطوير «وصلة بين الدماغ والآلة» والتي -حسب ماسك- يمكن أن تسمح للناس يوماً ما «بتخزين ذكرياتك كنسخة احتياطية، واستعادة الذكريات».
وحتى لا يبدو الكلام متحاملاً على هذا الرجل وأفكاره ومشاريعه، هناك جانب لا خلاف عليه في بعض عمله، ومن ذلك أن شركته المشار إليها، تعمل على ترميم الأعصاب، وحلّ إصابات الدماغ والعمود الفقري وما شابه ذلك، وستكون منتجاتها مفيدة فقط لمن فقد استخدام ذراعيه أو ساقيه أو يعاني من إصابة دماغية من نوع ما.
لكن فكرة تحييد الإنسان وتجفيف خياله، وجعله خليّة عضوية أصيلة في عالم الآفاتار، لها آثار «قبيحة» ومخيفة، فما معنى الإنسان بلا خيال حقيقي طبيعي؟
تخيّل معي، مجفف الشعر الذي ينفخ الهواء الحارّ، وتضع أمامه ثمرة برتقال مقشّرة، ماذا سيحدث لهذه الثمرة بعد نصف ساعة أو أكثر؟ ستجفّ تماماً...
مجفّف الشعر هو عالم الإنترنت وأمثال ماسك وزوكربيرغ والألعاب اليابانية... إلخ، وثمرة البرتقال هي عقل وخيال الإنسان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنسان «إيلون ماسك» الجديد إنسان «إيلون ماسك» الجديد



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca