مادّة «الإخوان» لا تفنى بل تُستحدث

الدار البيضاء اليوم  -

مادّة «الإخوان» لا تفنى بل تُستحدث

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

قضت محكمة النقض المصرية، أمس (الخميس)، بالسجن المؤبد (25 عاماً) بحق مرشد جماعة «الإخوان المسلمين» محمد بديع، والقياديين محمد البلتاجي وصفوت حجازي، في القضية المعروفة إعلامياً بـ«أحداث قسم شرطة برج العرب» في بورسعيد.
وقبلها بأيام قليلة كان قد صدر حكم مماثل بالمؤبد على رجل الجماعة الحديدي محمود عزّت، بسبب التخابر مع جهات أجنبية، وإفشاء أسرار الأمن المصري الوطني، أو «القومي» حسب القاموس المصري.
وفي نفس الوقت، أثارت الدراما المصرية، مسلسل «الاختيار» وغيره «comedy shows»، الجدل حول دور جماعة «الإخوان» في الحياة المصرية طيلة السنوات الماضية، خاصة موسم الفوضى «الربيع» المعلوم.
يجادل البعض بأن كثرة الكلام عن هذه الجماعات هو إضاعة للوقت، وأن الجيل الجديد لا يبالي بمن هو محمد بديع وخيرت الشاطر ومرسي، أو محمد العوضي وطارق سويدان أو سفر الحوالي وسلمان العودة... إلخ.
الشباب اليوم مشغول بفرص العمل وتقنيات 5G وقضايا البيئة وأنماط البيزنس الجديد، في عالم الديجيتال والعملات الرقمية وتجارة الأونلاين... لا وقت لديه لبديع ومرسي وسويدان والعودة. لكن عند إمعان النظر في هذه الدعاوى، فهي خطأ وخطر في آن، لأنها، بجهل أو تجاهل مقصود، حصرت مظاهر الفعل «الإخواني» ومتفرعاته، بقالب بديع والشاطر وسويدان وأمثالهم... بينما أثبتت الجماعة قدرتها العالية على المرونة وتوزيع الأدوار والركوب على العناوين الجديدة، حتى عناوين الشباب الجدد اليوم والميديا الجديدة، البودكاست والشو كوميدي، أو غيرهما من القوالب الجديدة، فالقوالب هي في النهاية قوالب، والمهم ما هو المُقولب داخلها!
جماعة «الإخوان»، وأنا أفضّل وصفهم بالجماعات الإخوانية، تملك قدرات على المناورة والمرونة، ولولا ذلك لما بقيت طيلة ما يقارب القرن من الزمان، مع شتّى التحولات والعهود والأشكال السياسية، من مَلَكية لجمهورية. أحب أن أذكّركم أن انطلاقة الجماعة الرسمية كانت على يدّ المؤسس حسن البنا ورفاقه، في الإسماعيلية على القنال المصري سنة 1928 ونحن الآن في سنة 2022. أي بقي لنا 6 سنوات لنطوي قرناً كاملاً مع هذه الجماعة الأم.
نضرب مثلاً بالعمل السياسي لهم؛ نعلم أن لكل مجموعة من «الإخوان» في قطر من الأقطار مساحتها الخاصة في القرار والعمل، بل إعلان الانتماء للجماعة من عدمه، وأحياناً إلغاء الوجود التنظيمي العلني للجماعة، كما جرى في تجربة «الإخوان» في قطر، ليس فقط خوفاً من الحكومات، بل لعدم الحاجة إلى ذلك.
في سوريا هم في حالة عداء مع النظام الأسدي، لكن نفس هذا النظام الأسدي هو حليف النظام الخميني الأقرب، وفي نفس الوقت نجد «إخوان» فلسطين في حالة تبعية للنظام الخميني الإيراني. تناقض ظاهري، لكن في العمق الأمر واحد.
«إخوان» فلسطين من عرب 48 بقيادة منصور عباس تحالفوا مع تكتّل يميني بقيادة نفتالي بينت، وتمّ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية... في الجوهر، العقل السياسي «الإخواني» العميق، لا يرى فرقاً بين شرعية إسرائيل وشرعية «جلّ» الدول العربية، فكلها فاقدة للشرعية، بل إن الكافر الأصلي - اليهودي يعني - أقل خبثاً من الكافر المرتد... في نظرهم.
المراد قوله، ثانياً، إن القول بنهاية هذه الجماعات وتسفيه البحث فيهم وعنهم، مردّه إمّا الجهل، وهذه مصيبة، أو التجاهل، والمصيبة أعظم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مادّة «الإخوان» لا تفنى بل تُستحدث مادّة «الإخوان» لا تفنى بل تُستحدث



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca