كنيسة أبوسيفين صارت وطنًا

الدار البيضاء اليوم  -

كنيسة أبوسيفين صارت وطنًا

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

مع الزمن ستضيع الكثير من الحقائق بحسن أو بسوء نية، وفى الحالتين سيحاسبنا التاريخ، لأننا لم نقم بواجبنا، مأساة كنيسة الشهيد أبوسيفين لا ينبغى أن يطويها التاريخ، أو يتجنبها البعض لأنها ستدفعنا لنعيش الأحزان مجددا، ونتساءل: كيف نضعها داخل (كادر) تستعيده عيوننا؟.

المؤكد فى زمن المحمول هناك لقطات متعددة تم تصويرها ومن مختلف الزوايا، السؤال: فى أى سياق اليوم أو غدا ستقدم للناس، ومنعا لمثل هذه الملابسات، يجب توثيق المأساة التى أدمت قلوب المصريين، الموت لا يفرق بين مسلم ومسيحى، طفل وشيخ، والزمن فى هذه الحالة يتم قياسه بـ(الفيمتوثانية)، فى إطار الدقائق القابعة بين شرارة اللهب وإطفاء الحريق مسافة، هى التى يجب أن نرصدها بكل ظلالها وأبعادها.

أقرأ عن الكاهن العظيم عبدالمسيح بخيت الذى ضحى بحياته لإنقاذ الأطفال، وتمكن بالفعل من إخراج أربعة منهم من الجحيم لتأكله النيران وتصعد روحه الطاهرة للسماء، أيضا حكاية الجيران الذين هرعوا للكنيسة لإنقاذ أهلهم يجب أن تذكر بكل شفافية وحرية، محمد بن الجيران الذى تعرضت قدمه للكسر، ويوسف الذى أطلقوا عليه (سبايدر مان)، صعد فوق سطح الكنيسة لإنقاذ الأطفال، ولدينا أيضا الإعلام وكيف تناول الحدث، هل كان على قدر المسؤولية، يقينا الكل كان حزينا، ومن لم يبك لا يستحق أن نضعه فى قائمة البشر، ولا أتشكك ابدأ فى المشاعر.

لكن من الممكن أن نجد مذيعة مثلا بعد أن قدمت واجب العزاء، أكملت برنامجها عادى جدا كما هو فى (الاسكريبت)، وهى تتحدث عن طريقة عمل بطاطس باللحمة المفرومة، أو كيف تتناول الملوخية بدون أن تخطئ فى الإمساك بالملعقة، هذه المشاهد على كثرتها تقع فى إطار افتقاد المرونة الفكرية، عدد من مقدمى البرامج، وبعضهم من المخضرمين، لم يتعودوا على التعامل مع تلك اللحظات الفارقة، نرى المذيع وكأنه قطار يسير على قضبان، تعلم من التجارب السابقة أن أى محاولة للخروج قد تعرضه للمساءلة، ربما هناك من حاول مرة أن يجتهد، ودفع الثمن غاليا، ربما، كل هذا وارد، لكن ما نلاحظه جميعا أن أغلب من يقفون أمام الكاميرا يفتقدون المرونة الواجبة فى التعامل مع أى طارئ، يهبط عليهم فجأة.

الصورة بكل أبعادها يجب رصدها بدقة، وهو ليس بالضرورة دور المركز القومى للسينما كجهة رسمية تابعة لوزارة الثقافة، كل من يمتلك رؤية من حقه، بل من واجبه، أن يبدأ فى الرصد وبكل شفافية وحرية، ما هو معروف وموثق أن فرق الإنقاذ لم تتقاعس فى التلبية، لكن تأخرت فى الوصول لموقع الحدث.

يتذكر المخضرمون حريقا مماثلا فى قصر ثقافة بنى سويف 2005، وأيضا لم تأت فرق الإنقاذ إلا بعد أن تمكنت النيران من التهام العشرات، وعلينا مواجهة المشكلة ووضع الحلول، كيف تخترق فرق الإنقاذ حاجز الزمن.

أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى قراره بإعادة الحياة للكنيسة فورا، ويجب قطعا الحفاظ على بيت يعبد فيه الله، فى نفس الوقت يجب بناء بيت أكبر وأكثر اتساعا تراعى فيه كل الشروط الدينية والأمنية والصحية، ليصبح دار عبادة مؤهلة لأى طارئ، تنقل إليها الشعائر الكبرى.

وتظل كنيسة أبوسيفين فى موقعها تروى للزمن حكاية كنيسة فى لحظات صارت وطنا!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كنيسة أبوسيفين صارت وطنًا كنيسة أبوسيفين صارت وطنًا



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca