الخروج على الإجماع

الدار البيضاء اليوم  -

الخروج على الإجماع

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

 

لدىَّ يقين من خلال تتابع العديد من الأحداث والمواقف بأن هناك (لوبى)، داخل الإطار الرسمى للدولة وخارجها، يعمل من أجل هدف واحد، وهو تزوير كل قضايانا بل تسفيهها وحصرها فقط في (حجاب) الرأس.

وهكذا تقتل (نيرة) في أبشع جريمة شهدها الشارع المصرى، ثم نجد من يتحدث عن حجابها، ولا يكتفى بهذا القدر، بل يضيف إلى كل صورها المتداولة حجابًا، ويمنح الجريمة شرعية، على اعتبار أنها عندما أغفلت وضع رأسها في هذا الإطار صارت مطمعًا وعاملًا محفزًا للجريمة.

تقتنص (بسنت) ميداليتين ذهبيتين ونشعر بالزهو، ونجد من يترك كل ذلك ويسأل عن حجابها، وأجزاء في جسدها كان يجب أن تغطى، وأنه لا يحق لها السجود لله عز وجل بهذا الزى الرياضى، هم لا يدركون أنهم بتلك النظرة المتدنية المريضة بسعار جنسى ينالون من الإسلام.

عندما يسأل البعض: لماذا مصر لم تعرف الحجاب طوال العهود السابقة؟ ونتابع الصور من الأرشيف في الشارع والحفلات والجامعات، وتسأل: كيف توصم الأمهات والجدات غير المحجبات بتعبير (العصيان) الذي أصبح يتكرر بسبب ودون سبب في المؤسسة الرسمية؟!.

هل هي غيرة على الإسلام، كما يدعون، أم لأن لديهم هدفا أسمى لفرز الشارع ما بين مسلم ومسيحى، حتى الرجل صار إطلاق اللحية عنده مرادفًا لحجاب الأنثى.

للإنسان مطلق الحرية في اختيار ما يرتديه، على شرط ألا يتم نعت الآخر بالعصيان، لأننا في هذه الحالة نضع الجميع تحت مرمى نيران غضب اجتماعى يتدثر برداء دينى، يملك الكثير من أدوات العقاب، هناك أيضا توصيف (كافر)، الذي يستخدم بكثرة هذه الأيام.. أحد كبار الشيوخ يقول المسيحى كافر في نظر المسلم، بينما المسلم كافر في نظر المسيحى، لأن معنى الكفر لغويا هو الإنكار.

هل نحن نتعامل مع توصيف الكفر كما جاء في (لسان العرب)، أم في إطاره الدلالى الذي يستدعى على الفور مساحات من العنف التي تصل لحدود الدموية؟.

دائمًا تبدأ النيران من مستصغر الشرر.. أتذكر قبل نحو خمسة عشر عاما كنت مشاركًا في لجنة للدراما الإذاعية، ووجدت في أحد النصوص الموجهة للأطفال عبارة أن «الإسلام يحرّم السرقة»، اقترحت وقتها تغيير العبارة لتصبح الأديان كلها وليس فقط الإسلام، لماذا تفترض أن جمهور الإذاعة يقينًا من المسلمين، هناك أيضا طفل مسيحى، من حقه أن يعرف أن دينه يحرّم السرقة.. ثم إنك عندما تربى الطفل، مسلما ومسيحيا، وهو يدرك أن المبادئ الدينية واحدة، هذا الطفل مستحيل أن يصبح متعصبًا، لأنه يدرك أيضًا أن الأديان الأخرى تدعو لنفس المبادئ، وأن الفارق فقط في الطقوس مثل الصيام والصلاة والزكاة، إلا أنها تتوحد في النهاية عند نقطة واحدة وهدف أسمى وهو الله.

كلما تثار بين الحين والآخر قضية حذف الديانة من الرقم القومى، لا أستشعر بجدواها.. مادمنا لا نزال نتعامل بنفس تلك المعايير، سيظل البحث عن ديانة الآخر معششًا في الرأس.. علينا أولًا حذف هذا الحاجز الوهمى من الفكر قبل أن نحذفه من (الرقم القومى).

يبدو ظاهريًا أن من يدافعون عنه هو فرض الحجاب، بينما الهدف هو فرض حجاب العقول قبل الرؤوس للنساء والرجال.

وهكذا يستهل رجل الدين حديثه قائلًا: (أجمع العلماء)، ولا يحق لك أن تسأل من ومتى وكيف ولماذا.. ستأتى الإجابة إنه الإجماع، وما أدراك ما هي عقوبة الخروج عن الإجماع!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخروج على الإجماع الخروج على الإجماع



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca