هل نراجع أحكامنا المطلقة؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل نراجع أحكامنا المطلقة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

تابعت حوارًا قديمًا قبل نحو 35 عامًا لنور الشريف وهو يقول: (السينما هي الوثيقة التي تتحدى الزمن، أما الدراما التليفزيونية فلها عمر افتراضى وبعد حقبة زمنية ينتهى تمامًا المسلسل الناجح من الذاكرة).كان يوجه كلماته إلى هانى مهنا وسميرة سعيد أثناء مرحلة زواجهما ويطالبهما بالاتجاه للمسرح الغنائى الذي يضمن الحياة للأغنية، كان يرى أن الأغنية الفردية حتمًا ستموت، وأضاف أن فيروز عاشت أغانيها، لأنها قدمت قسطًا كبيرًا منها على المسرح، وأن سر خلود سيد درويش أيضًا المسرح الغنائى.

نور ليس مجرد نجم استثنائى، ولكنه من هؤلاء القادرين على التأمل وآراؤه ليست وليدة انفعال لحظى، إلا أن الحقيقة تؤكد أن أم كلثوم عاشت ولا تزال بالأغنية الفردية التي تؤدى في حفل وتسجل على أسطوانة، وعبدالوهاب أيضًا، ربما كانت تجربة فريد وعبدالحليم وقبلهما ليلى مراد مختلفة لأنهم قدموا، وخاصة ليلى مراد، الرصيد الأهم على شاشة السينما.

قطعًا نور الشريف نجم سينمائى كبير ورصيده يربو على رقم المائة، وتعتبر من أهم أفلامنا، وله باع طويل على المسرح، إلا أنه صاحب رصيد باق أيضًا في التليفزيون، مقولة إن الدراما التليفزيونية استهلاكية، لها وجه معتبر من الصحة، رغم أن هناك أعمالًا درامية عند إعادتها تجد حفاوة جماهيرية طاغية وبينها قطعًا العديد من مسلسلات نور مثل (الحاج متولى) و(لن أعيش في جلباب أبى) و(حضرة المتهم أبى) و(أديب) و(الدالى) بل هو أساسًا ابن التليفزيون عندما قدمه محمد فاضل عام 68 في مسلسل (القاهرة والناس)، وفى أحد البرامج التي استضافت نور قال للمخرج ومقدم البرنامج عمر زهران إن آخر عمل فنى يتمنى أن يراه قبل رحيله هو مسلسل (عمر بن عبدالعزيز).

ليس معنى ذلك أن نور الشريف يتناقض مع نور الشريف، كلنا هذا الرجل، قد نؤمن بأفكار تتردد ونصدقها، ولكن مع الزمن قد نكتشف زيفها، وأتصور أن نور كان يملك من الشجاعة ما يكفى لو أعيد أمامه هذا التسجيل ليعلن أنه أخطأ في التوصيف.

مقولة إن الدراما التليفزيونية استهلاكية وإنها مثل ورق الكلينكس أو مثل شرف البنت الذي يشتعل مثل عود الكبريت مرة واحدة (كما كان يردد يوسف بك وهبى في أفلامه القديمة)، عمليًّا لم ننس الكثير مما قدمه لنا نور الشريف ويحيى الفخرانى وعادل إمام وصلاح السعدنى وغيرهم، وبعض المخرجين مثل فاضل والعلمى وإنعام وعبدالحافظ، ومن الجيل الجديد كاملة أبوذكرى وتامر محسن ومحمد ياسين، والكتّاب أسامة أنور عكاشة ومحسن زايد ومحفوظ عبدالرحمن، ومن الجيل الجديد عبدالرحيم كمال ومريم نعوم وغيرهم قدموا بالفعل أعمالًا تليفزيونية قادرة على الحياة.

يبقى شىء متعلق بـ(ميكانيزم) الإبداع، وهو تبديد الطاقة أو نفاد البطارية، سألت مرة الموسيقار كمال الطويل عن سر تدهور مستوى ملحن كبير أراه موهوبًا، قال لى الأستاذ كمال: هذا الملحن تحديدًا يقدم كل عام أكثر من 100 لحن في فوازير رمضان. بديهى أن يموت مع الزمن الوهج الداخلى.

بين الحين والآخر ألتقى كاملة أبوذكرى التي أراها مخرجة سينمائية متميزة، وعندما ذهبت للدراما نجحت في فرض قانونها. مؤكد أن تفرغها للدراما التليفزيونية يحرق الكثير من طاقتها؛ ولهذا أتمنى أن تسارع بالتقاط أنفاسها، حتى يصبح لديها ما تقدمه على الشريط السينمائى.

ومن الممكن أن أستأذن نور وأعيد صياغة العبارة لتصبح (نعم ليس كل ما تقدمه الشاشة الصغيرة استهلاكيًّا، إلا أن السينما كانت ولا تزال هي السينما)!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نراجع أحكامنا المطلقة هل نراجع أحكامنا المطلقة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 17:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 02:52 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

العثور على أهرامات متنوّعة قبالة سواحل جزر البهاما

GMT 05:32 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

"جواغوار" تطرح سيارتها طراز E-1965 للبيع 5 حُزيران

GMT 16:36 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

العجز المالي لمولودية وجدة يبلغ 700 مليون سنتيم

GMT 15:14 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

صعقة كهربائية تودي بحياة عامل بناء ضواحي مراكش

GMT 05:18 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يحددون مكان بداية مرض الزهايمر المدمر في المخ

GMT 05:42 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

سراييفو تعتبر واحدة من أكثر المدن إثارة في أوروبا

GMT 04:34 2018 السبت ,10 شباط / فبراير

عَرْض سيارة إلتون جون موديل 1997 الوحيدة للبيع

GMT 07:41 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

تجميع أكبر خريطة قديمة بعد أكثر من 400 عام

GMT 04:41 2014 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

مها أمين تطرح مجموعة جذابة من تصميمات "الكروشيه"

GMT 17:30 2016 الخميس ,29 أيلول / سبتمبر

الهولندي أرين روبن يسعى للبقاء مع "بايرن ميونيخ"

GMT 03:09 2014 الجمعة ,19 كانون الأول / ديسمبر

بريطانية تنجب 4 توائم دون تدخل طبي وبعد انتظار 4 سنوات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca